ذكر
ظفر السلطان محمود بالكرج
في هذه السنة اشتدت نكاية
الكرج في بلد الإسلام ، وعظم الأمر على الناس ، لا سيما أهل
دربند شروان ، فسار منهم جماعة كثيرة من أعيانهم إلى السلطان وشكوا إليه ما يلقون منهم ، وأعلموه بما هم عليه من الضعف والعجز عن حفظ بلادهم ، فسار إليهم والكرج قد وصلوا إلى شماخي ، فنزل السلطان في بستان هناك ، وتقدم
الكرج إليه ، فخافهم العسكر خوفا شديدا .
وأشار الوزير
شمس الملك عثمان بن نظام الملك على السلطان بالعود من هناك ، فلما سمع أهل
شروان بذلك قصدوا السلطان وقالوا له : نحن نقاتل ما دمت عندنا ، وإن تأخرت عنا ضعفت نفوس المسلمين وهلكوا ، فقبل قولهم ، وأقام بمكانه .
وبات العسكر على وجل عظيم ، وهم بنية المصاف ، فأتاهم الله بفرج من عنده ، وألقى بين
الكرج وقفجاق اختلافا وعداوة ، فاقتتلوا تلك الليلة ، ورحلوا شبه المنهزمين ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وأقام السلطان
بشروان مدة ، ثم عاد إلى
همذان فوصلها في جمادى الآخرة .