ذكر
عود السلطان مسعود إلى السلطنة وانهزام الملك طغرل
قد تقدم ذكر انهزام
السلطان مسعود من عمه
السلطان سنجر وعوده إلى
كنجة ،
[ ص: 44 ] وولاية
الملك طغرل السلطنة ، وأنه تحارب هو
والملك داود ابن أخيه محمود ، وانهزام
داود ودخوله
بغداذ ، فلما بلغ
السلطان مسعودا انهزام
داود وقصده
بغداذ ، سار هو إلى
بغداذ أيضا ، فلما قاربها لقيه
داود وترجل له ، وخدمه ، ودخلا
بغداذ .
ونزل
مسعود بدار السلطنة في صفر من هذه السنة ، وخاطب في الخطبة له ، فأجيب إلى ذلك ، وخطب له
ولداود بعده ، وخلع عليهما ، ودخلا إلى الخليفة فأكرمهما ، ورفع الاتفاق على مسير
مسعود وداود إلى
أذربيجان ، وأن يرسل الخليفة معهما عسكرا ، فساروا فلما وصلوا إلى مراغة حمل
آقسنقر الأحمديلي مالا كثيرا ، وإقامة عظيمة ، وملك
مسعود سائر بلاد
أذربيجان ، وانهزم من بها من الأمراء مثل
قراسنقر وغيره من بين يديه ، وتحصن منه كثير منهم بمدينة
أردبيل ، فقصدهم وحصرهم بها ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وانهزم الباقون .
ثم سار بعد ذلك إلى
همذان لمحاربة أخيه
الملك طغرل ، فلما سمع
طغرل بقربه برز إلى لقائه ، فاقتتلوا إلى الظهر ، ثم انهزم
طغرل ، وقصد
الري ، واستولى
السلطان مسعود على
همذان في شعبان ، ولما استقر
مسعود بهمذان قتل
آقسنقر الأحمديلي ، قتله
الباطنية ، فقيل إن
السلطان مسعودا وضع عليه من قتله .
ثم إن
طغرل لما بلغ قم عاد إلى
أصبهان ودخلها وأراد التحصن بها فسار إليه أخوه
مسعود ليحاصره بها ، فرأى
طغرل أن أهل
أصبهان لا يطاوعونه على الحصار ، فرحل عنهم إلى
بلاد فارس ، واستولى
مسعود على
أصبهان ، وفرح أهلها به ، وسار من
أصبهان نحو
فارس يقتص أثر أخيه
طغرل ، فوصل إلى موضع بقرب
البيضاء ، فاستأمن إليه أمير من أمراء أخيه معه أربعمائة فارس فأمنه ، فخاف
طغرل من عسكره أن ينحازوا إلى أخيه ، فانهزم من بين يديه ، وقصد
الري في رمضان ، وقتل وزيره
أبو القاسم الأنساباذي في الطريق في شوال ، قتله غلمان
الأمير شيركير الذي سعى في قتله ، كما تقدم ذكره .
وسار
السلطان مسعود يتبعه ، فلحقه بموضع يقال له : ذكراور ، فوقع بينهما
[ ص: 45 ] المصاف هناك ، فلما اشتبكت الحرب انهزم
الملك طغرل ، فوقع عسكره في أرض قد نضب عنها الماء وهي وحل ، فأسر منهم جماعة من الأمراء منهم الحاجب تنكر ،
وابن بغرا ، فأطلقهم
السلطان مسعود ، ولم يقتل في هذا المصاف إلا نفر يسير ، ورجع
السلطان مسعود إلى
همذان .