[ ص: 57 ] ( 529 )
ثم دخلت سنة تسع وعشرين وخمسمائة
ذكر
وفاة الملك طغرل ، وملك مسعود بلد الجبل
قد ذكرنا قدوم
السلطان مسعود إلى
بغداد منهزما من أخيه
الملك طغرل بن محمد ، فلما وصل إلى
بغداد أكرمه الخليفة ، وحمل إليه ما يحتاج إليه مثله ، وأمره بالمسير إلى
همذان ، وجمع العساكر ، ومنازعة أخيه
طغرل في السلطنة والبلاد ،
ومسعود يعد ويدافع الأيام ، والخليفة يحثه على ذلك ، ووعده أن يسير معه بنفسه ، وأمر أن تبرز خيامه إلى باب الخليفة .
وكان قد اتصل
الأمير البقش السلاحي وغيره من الأمراء بالخليفة ، وطلبوا خدمته فاستخدمهم ، واتفق معهم .
واتفق أن إنسانا أخذ فوجد معه ملطفات من
طغرل إلى هؤلاء الأمراء وخاتمه بالإقطاع لهم ، فلما رأى الخليفة ذلك قبض على أمير منهم اسمه
أغلبك ، ونهب ماله ، فاستشعر غيره من الأمراء الذين مع الخليفة فهربوا إلى عسكر
السلطان مسعود ، فأرسل الخليفة إلى
مسعود في إعادتهم إليه فلم يفعل واحتج بأشياء ، فعظم ذلك على الخليفة ، وحدث بينهما وحشة أوجبت تأخره عن المسير معه ، وأرسل إليه يلزمه بالمسير معه أمرا جزما ، فبينما الأمر على هذا إذ جاءه الخبر بوفاة أخيه
طغرل ، وكانت وفاته في المحرم من هذه السنة ، وكان مولده سنة ثلاث وخمسمائة في المحرم ، وكان خيرا عاقلا عادلا قريبا إلى الرعية محسنا إليها ، وكان قبل موته قد خرج من داره يريد السفر إلى أخيه
السلطان مسعود ، فدعا له الناس ، فقال :
ادعوا بخيرنا للمسلمين .
ولما توفي ووصل الخبر إلى
مسعود سار من ساعته نحو
همذان ، وأقبلت العساكر جميعها إليه ، واستوزر
شرف الدين أنوشروان بن خالد ، وكان قد خرج في
[ ص: 58 ] صحبته هو وأهله ، ووصل
مسعود إلى
همذان واستولى عليها ، وأطاعته البلاد جميعها وأهلها .