صفحة جزء
ذكر قتل شمس الملوك ، وملك أخيه

في هذه السنة رابع عشر ربيع الآخر ، قتل شمس الملوك إسماعيل بن تاج الملوك بوري بن طغدكين صاحب دمشق ، وسبب قتله أنه ركب طريقا شنيعا من الظلم ومصادرات العمال وغيرهم من أعمال البلد ، وبالغ في العقوبات لاستخراج الأموال ، وظهر منه بخل زائد ودناءة نفس بحيث أنه لا يأنف من أخذ الشيء الحقير بالعدوان ، إلى غير ذلك من الأخلاق الذميمة ، وكرهه أهله وأصحابه ورعيته .

ثم ظهر عنه أنه كاتب عماد الدين زنكي يسلم إليه دمشق ، ويحثه على سرعة الوصول ، وأخلى المدينة من الذخائر ، ونقل الجميع إلى صرخد ، وتابع الرسل إلى زنكي يحثه على الوصول إليه ويقول له :

إن أهملت المجيء سلمتها إلى الفرنج ، فسار زنكي ، فظهر الخبر بذلك في دمشق ، فامتعض أصحاب أبيه وجده لذلك وأقلقهم ، وأنهوا الحال لوالدته فساءها ، وأشفقت منه ، ووعدتهم بالراحة من هذا الأمر .

ثم إنها ارتقبت الفرصة في الخلوة من غلمانه ، فلما رأته على ذلك أمرت غلمانها بقتله فقتل ، وأمرت بإلقائه في موضع من الدار ليشاهده غلمانه وأصحابه ، فلما رأوه قتيلا سروا لمصرعه وبالراحة من شره .

وكان مولده ليلة الخميس سابع جمادى الآخرة سنة ست وخمسمائة ، وقيل : كان سبب قتله أن والده كان له حاجب اسمه يوسف بن فيروز ، وكان متمكنا منه حاكما في دولته ثم في دولة شمس الملوك بعده ، فاتهم بأم شمس الملوك ، ووصل الخبر إليه بذلك ، فهم بقتل يوسف فهرب منه إلى تدمر وتحصن بها ، وأظهر الطاعة لشمس الملوك ، فأراد قتل أمه ، فبلغها الخبر فقتله خوفا منه ، والله أعلم .

[ ص: 59 ] ولما قتل ملك بعده أخوه شهاب الدين محمود بن تاج الملوك بوري ، وجلس في منصبه ، وحلف له الناس كلهم ، واستقر في الملك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية