ذكر
حصر ابن ردمير مدينة أفراغة وهزيمته وموته
وفي هذه السنة حصر
ابن ردمير الفرنجي مدينة أفراغة من شرق
الأندلس .
وكان
الأمير يوسف بن تاشفين بن علي بن يوسف بمدينة قرطبة ، فجهز
الزبير بن عمرو اللمتوني والي
قرطبة ومعه ألفا فارس ، وسير معه ميرة كثيرة إلى
أفراغة .
وكان
يحيى بن غانية الأمير المشهور أمير
مرسية وبلنسية من شرق
الأندلس ، ووالي أمرها لأمير المسلمين
علي بن يوسف ، فتجهز في خمسمائة فارس ، وكان
عبد الله بن عياض صاحب
مدينة لاردة ، فتجهز في مائتي فارس ، فاجتمعوا وحملوا الميرة ، وساروا حتى أشرفوا على
مدينة أفراغة ، وجعل
الزبير الميرة أمامه
nindex.php?page=showalam&ids=13405وابن غانية أمام الميرة ،
وابن عياض أمام
ابن غانية ، وكان شجاعا بطلا ، وكذلك جميع من معه .
وكان
ابن ردمير في اثني عشر ألف فارس ، فاحتقر جميع الواصلين من المسلمين ، فقال لأصحابه :
اخرجوا وخذوا هذه الهدية التي أرسلها المسلمون إليكم ، وأدركه العجب ، ونفذ قطعة كبيرة من جيشه . فلما قربوا من المسلمين حمل عليهم
ابن عياض وكسرهم ، ورد بعضهم على بعض ، وقتل فيهم ، والتحم القتال ، وجاء
ابن ردمير بنفسه وعساكره جميعها مدلين بكثرتهم وشجاعتهم ، فحمل
ابن غانية وابن عياض في صدورهم ، واستحر الأمر بينهم ، وعظم القتال ، فكثر القتل في
الفرنج ، وخرج في الحال أهل
أفراغة ذكرهم وأنثاهم ، صغيرهم وكبيرهم ، إلى خيام
الفرنج فاشتغل الرجال بقتل من وجدوا في المخيم ، واشتغل النساء بالنهب ، فحمل جميع ما في المخيم إلى المدينة من قوت ، وعدد ، وآلات ، وسلاح ، وغير ذلك .
وبينما المسلمون
والفرنج في القتال إذ وصل إليهم
الزبير في عسكره فانهزم
ابن ردمير وولى هاربا ، واستولى القتل على جميع عسكره فلم يسلم منهم إلا القليل ، ولحق
ابن ردمير بمدينة
سرقسطة ، فلما رأى ما قتل من أصحابه مات مفجوعا بعد
[ ص: 70 ] عشرين يوما من الهزيمة ، وكان أشد ملوك
الفرنج بأسا ، وأكثرهم تجردا لحرب المسلمين ، وأعظمهم صبرا ، كان ينام على طارقته بغير وطاء ، وقيل له :
هلا تسريت من بنات أكابر المسلمين اللاتي سبيت ؟ فقال :
الرجل المحارب ينبغي أن يعاشر الرجال لا النساء ، وأراح الله منه ، وكفى المسلمين شره .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة في شوال ، زلزلت الأرض
بالعراق والموصل وبلاد الجبل وغيرها ، وكانت الزلزلة شديدة ، وهلك فيها كثير من الناس ، والله أعلم .