ذكر
اجتماع أصحاب الأطراف على حرب مسعود ببغداد وخروجهم عن طاعته
في هذه السنة اجتمع كثير من الأمراء وأصحاب الأطراف على الخروج عن طاعة
[ ص: 72 ] السلطان مسعود ، فسار
الملك داود ابن
السلطان محمود في عسكر
أذربيجان إلى
بغداد ، فوصلها رابع صفر ، ونزل بدار السلطان ، ووصل
nindex.php?page=showalam&ids=13664أتابك عماد الدين زنكي بعده من
الموصل ، ووصل
يرنقش بازدار صاحب
قزوين وغيرها ،
والبقش الكبير صاحب أصفهان ،
وصدقة بن دبيس صاحب
الحلة ، ومعه
عنتر بن أبي العسكر الجاواني يدبره ، ويتمم نقص صباه ،
وابن برسق ،
وابن الأحمديلي ، وخرج إليهم من عسكر
بغداد كج أبه ،
والطرنطاي وغيرهما ، وجعل
الملك داود في
شحنكية بغداد يرنقش بازدار ، وقبض الخليفة
الراشد بالله على
ناصح الدولة أبي عبد الله الحسن بن جهير أستاذ الدار ، وهو كان السبب في ولايته ، وعلى
جمال الدولة إقبال
المسترشدي ، وكان قد قدم إليه من
تكريت ، وعلى غيرهما من أعيان دولته ، فتغيرت نيات أصحابه عليه وخافوه .
فأما
جمال الدولة فإن
أتابك زنكي شفع فيه شفاعة تحتها إلزام ، فأطلق وصار إليه ونزل عنده .
وخرج موكب الخليفة مع وزيره
جلال الدين أبي الرضا بن صدقة إلى
عماد الدين لتهنئته بالقدوم ، فأقام الوزير عنده ، وسأله أن يمنعه من الخليفة فأجابه إلى ذلك ، وعاد الموكب بغير وزير ، وأرسل
زنكي من حرس دار الوزير من النهب ، ثم أصلح حاله مع الخليفة ، وأعاده إلى وزارته .
وكذلك أيضا عبر عليه
قاضي القضاة الزينبي ، وسار معه إلى
الموصل ، ثم إن الخليفة جد في عمارة السور ، فأرسل
الملك داود من قلع أبوابه ، وأخرب قطعة منه ، فانزعج الناس
ببغداد ، ونقلوا أموالهم إلى دار الخلافة ، وقطعت خطبة
السلطان مسعود ، وخطب للملك داود ، وجرت الأيمان بين الخليفة
والملك داود وعماد الدين زنكي ، وأرسل الخليفة إلى أتابك
زنكي ثلاثين ألف دينار لينفقها .
ووصل الملك
سلجوقشاه إلى
واسط فدخلها ، وقبض على
الأمير بك أبه ، ونهب
[ ص: 73 ] ماله ، وانحدر
أتابك زنكي إليه لدفعه عنها ، واصطلحا ، وعاد
زنكي إلى
بغداد ، وعبر إلى طريق
خراسان ، وحث على جمع العساكر للقاء
السلطان مسعود .
وسار
الملك داود نحو طريق
خراسان أيضا ، فنهب العسكر البلاد وأفسدوا ، ووصلت الأخبار بمسير
السلطان مسعود إلى
بغداد لقتال الملك ، وفارق
الملك داود و أتابك
زنكي ، فعاد
أتابك زنكي إلى
بغداد ، وفارق
الملك داود ، وأظهر له أن يمضي إلى مراغة إذا فارق
السلطان مسعود همذان ، فبرز
الراشد بالله إلى ظاهر
بغداد أول رمضان ، وسار إلى طريق
خراسان ، ثم عاد بعد ثلاثة أيام ، ونزل عند جامع السلطان ، ثم دخل إلى
بغداد خامس رمضان ، وأرسل إلى
داود وسائر الأمراء يأمرهم بالعود إلى
بغداد ، فعادوا ونزلوا في الخيام ، وعزموا على قتال
السلطان مسعود من داخل سور
بغداد .
ووصلت رسل
السلطان مسعود يبذل من نفسه الطاعة والموافقة للخليفة ، والتهديد لمن اجتمع عنده ، فعرض الخليفة الرسالة عليهم فكلهم رأى قتاله ، فقال الخليفة :
وأنا أيضا معكم ( على ذلك ) .