ذكر
الخلف بين السلطان مسعود وجماعة من الأمراء ووصولهم إلى بغداد وما كان منهم بالعراق
في هذه السنة فارق السلطان
مسعودا جماعة من أكابر الأمراء ، وهم من
أذربيجان :
إيلدكز المسعودي ، صاحب
كنجة وأرانية ،
وقيصر ، ومن الجبل :
البقش كون خر ،
وتتر الحاجب ، وهو من مماليك
مسعود أيضا ،
وطرنطاي المحمودي شحنة
واسط ،
والدكز ،
وقرقوب وابن طغايرك .
وكان سبب ذلك ميل السلطان إلى
خاص بك واطراحه لهم ، فخافوا أن يفعل بهم مثل فعله
بعبد الرحمن ،
وعباس ،
وبوزابة ، ففارقوه وساروا نحو
العراق ، فلما بلغوا
حلوان خاف الناس
ببغداد وأعمال
العراق ، وغلت الأسعار ، وتقدم الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15299المقتفي لأمر الله بإصلاح السور وترميمه ، وأرسل الخليفة إليهم بالعبادي الواعظ ، فلم يرجعوا إلى قوله ، ووصلوا إلى
بغداد في ربيع الآخر ، والملك
محمد ابن السلطان محمود معهم ، ونزلوا بالجانب الشرقي ، وفارق
مسعود بلال شحنة
بغداد البلد خوفا من الخليفة ، وسار إلى
تكريت وكانت له ، فعظم الأمر على
أهل بغداد ، ووصل إليهم
علي بن دبيس صاحب
الحلة ، فنزل بالجانب الغربي ، فجند الخليفة أجنادا يحتمي بهم .
ووقع القتال بين الأمراء وبين عامة
بغداد ومن بها من العسكر ، واقتتلوا عدة دفعات ، ففي بعض الأيام انهزم الأمراء الأعاجم من عامة
بغداد مكرا وخديعة ، وتبعهم العامة ، فلما أبعدوا عادوا عليهم وصار بعض العسكر من ورائهم ، ووضعوا السيف
[ ص: 162 ] فقتل من العامة خلق كثير ، ولم يبقوا على صغير ولا كبير ، وفتكوا فيهم ، فأصيب
أهل بغداد بما لم يصابوا بمثله ، وكثر القتلى والجرحى وأسر منهم خلق كثير ، فقتل البعض وشهر البعض ، ودفن الناس من عرفوا ، ومن لم يعرف ترك طريحا بالصحراء ، وتفرق العسكر في المحال الغربية ، فأخذوا من أهلها الأموال الكثيرة ، ونهبوا بلد
دجيل وغيره ، وأخذوا النساء والولدان .
ثم إن الأمراء اجتمعوا ونزلوا مقابل التاج ، وقبلوا الأرض واعتذروا ، وترددت الرسل بينهم وبين الخليفة إلى آخر النهار ، وعادوا إلى خيامهم ، ورحلوا إلى
النهروان ، فنهبوا البلاد ، وأفسدوا فيها ، وعاد
مسعود بلال شحنة
بغداد من
تكريت إلى
بغداد .
ثم إن هؤلاء الأمراء تفرقوا وفارقوا
العراق ، وتوفي الأمير
قيصر بأذربيجان ، هذا كله والسلطان
مسعود مقيم
ببلد الجبل ، والرسل بينه وبين عمه السلطان
سنجر متصلة ; وكان السلطان
سنجر قد أرسل إليه يلومه على تقديم
خاص بك ، ويأمره بإبعاده ، ويتهدده بأنه إن لم يفعل فسيقصده ويزيله عن السلطنة ; وهو يغالط ولا يفعل ، فسار السلطان
سنجر إلى
الري ، فلما علم السلطان
مسعود بوصوله سار إليه وترضاه ، واستنزله عما في نفسه فسكن . وكان اجتماعهما سنة أربع وأربعين [ وخمسمائة ] على ما نذكره إن شاء الله تعالى .