ذكر
ظفر الهند على المسلمين
لما اشتدت نكاية
شهاب الدين في بلاد
الهند وإثخانه في أهلها واستيلاؤه عليها ، اجتمع ملوكهم وتآمروا بينهم ، ووبخ بعضهم بعضا ، فاتفق رأيهم على الاجتماع والتعاضد على حربه ، فجمعوا عساكرهم وحشدوا ، وأقبل إليهم
الهنود من كل فج عميق على الصعب والذلول ، وجاءوا بحدهم وحديدهم ، وكان الحاكم على جميع الملوك المجتمعين امرأة هي من أكبر ملوكهم .
فلما سمع باجتماعهم ومسيرهم إليه تقدم هو أيضا إليهم في عسكر عظيم من
الغورية والخلج والخراسانية وغيرهم ، فالتقوا واقتتلوا ، فلم يكن بينهم كثير قتال حتى انهزم المسلمون وركبهم الهنود يقتلون ويأسرون ، وأثخنوا فيهم ، وأصاب
شهاب [ ص: 196 ] الدين ضربة بطلت منها يده اليسرى ، وضربة أخرى على رأسه سقط منها إلى الأرض ، وحجز الليل بين الفريقين ، فأحس
شهاب الدين بجماعة من غلمانه الأتراك في ظلمة الليل وهم يطلبونه في القتلى ويبكون ، وقد رجع
الهنود إلى ورائهم ، وكلمهم وهو على ما به من الجهد ، فجاءوا إليه مسرعين ، وحملوه على رءوسهم رجالة يتناوبون حمله ، حتى بلغوا مدينة
آجرة مع الصباح .
وشاع خبر سلامته في الناس ، فجاءوا إليه يهنئونه من أقطار البلاد ، فأول ما عمل أنه أخذ أمراء
الغورية الذين انهزموا عنه وأسلموه ، فملأ مخالي خيلهم شعيرا ، وحلف لئن لم يأكلوه ليضربن أعناقهم ، فأكلوه ضرورة .
وبلغ الخبر إلى أخيه
غياث الدين فكتب إليه يلومه على عجلته وإقدامه وأنفذ إليه جيشا عظيما .