[ ص: 217 ] ذكر
ملك nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود مدينة دمشق
في هذه السنة في صفر ملك
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود بن زنكي بن آقسنقر مدينة
دمشق ، وأخذها من صاحبها
مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طغتكين أتابك .
وكان سبب جده في ملكها أن
الفرنج لما ملكوا في العام الماضي مدينة
عسقلان لم يكن
لنور الدين طريق إلى إزعاجهم عنها لاعتراض
دمشق بينه وبين
عسقلان ، فلما ملك
الفرنج عسقلان طمعوا في
دمشق ، حتى إنهم استعرضوا كل من بها من مملوك وجارية من
النصارى ، فمن أراد المقام بها تركوه ، ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرا شاء صاحبه أم أبى .
وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة يأخذونها منهم ، فكان رسلهم يدخلون البلد ويأخذونها منهم ، فلما رأى
نور الدين ذلك خاف أن يملكها
الفرنج فلا يبقى حينئذ للمسلمين
بالشام مقام ، فأعمل الحيلة في أخذها حيث علم أنها لا تملك قوة ; لأن صاحبها متى رأى غلبه راسل
الفرنج واستعان بهم ، فأعانوه لئلا يملكها من يقوى بها على قتالهم ، فراسل
مجير الدين صاحبها واستماله ، وواصله بالهدايا ، وأظهر له المودة حتى وثق به فكان
نور الدين يقول له في بعض الأوقات : إن فلانا قد كاتبني في تسليم
دمشق ، يعني بعض أمراء
مجير الدين ، فكان يبعد الذي قيل عنه ، ويأخذ أقطاعه ، فلما لم يبق عنده من الأمراء أحد قدم أميرا يقال له
عطا بن حفاظ السلمي الخادم ، وكان شهما شجاعا ، وفوض إليه أمر دولته ، فكان
نور الدين لا يتمكن معه من أخذ
دمشق ، فقبض عليه
مجير الدين وقتله ، فسار
نور الدين حينئذ إلى
دمشق ، وكان قد كاتب من بها من الأحداث واستمالهم ، فوعده بالتسليم إليه ، فلما حصر
نور الدين البلد أرسل
مجير الدين إلى
الفرنج يبذل لهم الأموال وتسليم قلعة
بعلبك إليهم لينجدوه ويرحلوا
نور الدين عنه ، فشرعوا في جمع فارسهم وراجلهم ليرحلوا
نور الدين عن البلد ، فإلى أن اجتمع لهم ما يريدون تسلم
نور الدين البلد ، فعادوا بخفي حنين .
[ ص: 218 ] وأما كيفية تسليم
دمشق فإنه لما حصرها ثار الأحداث الذين راسلهم ، فسلموا إليه البلد من الباب الشرقي وملكه ، وحصر
مجير الدين في القلعة ، وراسله في تسليمها وبذل له إقطاعا من جملته مدينة
حمص ، فسلمها إليه وسار إلى
حمص ، ثم إنه راسل
أهل دمشق ليسلموا إليه ، فعلم
نور الدين ذلك فخافه ، فأخذ منه
حمص ; وأعطاه عوضا عنها
بالس ، فلم يرضها ، وسار منها إلى
العراق ، وأقام
ببغداد وابتنى بها دارا بالقرب من النظامية ، وتوفي بها .