ذكر
القبض على سليمان شاه وحبسه بالموصل
في هذه السنة قبض
زين الدين علي كوجك نائب
nindex.php?page=showalam&ids=17165قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر صاحب
الموصل ، على الملك
سليمان شاه ابن السلطان محمد بن ملكشاه ، وكان
سليمان شاه عند عمه السلطان
سنجر قديما ، وقد جعله ولي عهده ، وخطب له في منابر
خراسان ، فلما جرى
لسنجر مع
الغز ما ذكرناه ، وتقدم على عسكر
خراسان ، وضعفوا عن
الغز ، مضى إلى
خوارزم شاه فزوجه ابنة أخيه
أقسيس ، ثم بلغه عنه ما كرهه فأبعده ، فجاء إلى
أصفهان فمنعه شحنتها من الدخول ، فمضى إلى
قاشان ، فسير إليه
محمد شاه ابن أخيه
محمود بن محمد عسكرا أبعدوه عنها ، فسار إلى
خوزستان ، فمنعه
ملكشاه عنها ، فقصد
اللحف ونزل
البنديجين ، وأرسل رسولا إلى الخليفة
المقتفي يعلمه بوصوله ، وترددت الرسل بينهما ، إلى أن استقر الأمر على أن يرسل زوجته تكون رهينة ، فأرسلها إلى
بغداد ومعها كثير من الجواري والأتباع ، وقال : قد أرسلت هؤلاء رهائن ، فإن أذن أمير المؤمنين في دخول
بغداد فعلت وإلا رجعت .
[ ص: 226 ] فأكرم الخليفة زوجته ومن معها ، وأذن في القدوم ومعه عسكر خفيف يبلغون ثلاثمائة رجل ، فخرج ولد الوزير
ابن هبيرة يلتقيه ، ومعه قاضي القضاة والنقيبان ، ولم يترجل له
ابن الوزير ، ودخل
بغداد وعلى رأسه الشمسة ، وخلع عليه الخليفة ، وأقام
ببغداد إلى أن دخل المحرم من سنة إحدى وخمسين وخمسمائة فأحضر فيه
سليمان شاه إلى دار الخليفة ، وأحضر قاضي القضاة والشهود وأعيان
العباسيين ، وحلف للخليفة على النصح والموافقة ولزوم الطاعة ، وأنه لا يتعرض إلى
العراق بحال .
فلما حلف خطب له
ببغداد ولقب ألقاب أبيه غياث الدنيا والدين ، وباقي ألقابه ، وخلع عليه خلع السلطنة ، وسير معه من عسكر بغداد ثلاثة آلاف فارس ، وجعل الأمير
قويدان صاحب الحلة أمير حاجب معه ، وسار نحو بلاد الجبل في ربيع الأول .
وسار الخليفة إلى
حلوان ، وأرسل إلى
ملكشاه ابن السلطان محمود أخي السلطان
محمد صاحب
همذان وغيرها يدعوه إلى موافقته ، فقدم في ألفي فارس ، فحلف كل منهما لصاحبه وجعل
ملكشاه ولي عهد
سليمان شاه ، وقواهما الخليفة بالمال والأسلحة وغيرها ، فساروا واجتمعوا هم
وإيلدكز ، فصاروا في جمع كبير .
فلما سمع السلطان
محمد خبرهم أرسل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17165قطب الدين مودود صاحب
الموصل ، ونائبه
زين الدين يطلب منهما المساعدة والمعاضدة ، ويبذل لهما البذول الكثيرة إن ظفر ، فأجاباه إلى ذلك ووافقا ، فقويت نفسه وسار إلى لقاء
سليمان شاه ومن اجتمع معه من عساكره ، ووقعت الحرب بينهم في جمادى الأولى ، واشتد القتال بين الفريقين ، فانهزم
سليمان شاه ومن معه ، وتشتت العسكر ووصل من عسكر الخليفة - وكانوا ثلاثة آلاف رجل - نحو من خمسين رجلا ، ولم يقتل منهم أحد ، وإنما
[ ص: 227 ] أخذت خيولهم وأموالهم ، وتشتتوا ، وجاءوا متفرقين .
وفارق
سليمان شاه إيلدكز وسار نحو
بغداد على
شهرزور ، فخرج إليه
زين الدين علي في جماعة من عسكر
الموصل ، وكان
بشهرزور الأمير
بزان مقطعا لها من جهة
زين الدين ، فخرج
زين الدين وسار ، فوقفا على طريق
سليمان شاه ، فأخذاه أسيرا ، وحمله
زين الدين إلى قلعة
الموصل وحبسه بها مكرما محترما ، إلى أن كان من أمره ما نذكره سنة خمس وخمسين [ وخمسمائة ] إن شاء الله ، فلما قبض
سليمان شاه أرسل
زين الدين إلى السلطان
محمود يعرفه ذلك ، ووعده المعاضدة على كل ما يريده منه .