ذكر
ملك المسلمين مدينة المرية وانقراض دولة الملثمين بالأندلس
في هذه السنة انقرضت دولة
الملثمين بالأندلس ، وملك أصحاب
عبد المؤمن المرية من
الفرنج .
وسبب ذلك أن
عبد المؤمن لما استعمل ابنه
أبا سعيد على
الجزيرة الخضراء ومالقة عبر
أبو سعيد البحر إلى
مالقة ، واتخذها دارا ، وكاتبه
ميمون بن بدر اللمتوني صاحب
غرناطة ، أن يوحد ويسلم إليه
غرناطة ، فقبل
أبو سعيد ذلك منه وتسلم
غرناطة ، فسار
ميمون إلى
مالقة بأهله وولده ، فتلقاه
أبو سعيد ، وأكرمه ، ووجهه إلى
مراكش ، فأقبل عليه
عبد المؤمن وانقرضت دولة
الملثمين ولم يبق لهم إلا جزيرة
ميورقة ( مع
حمو بن غانية ) .
[ ص: 242 ] فلما ملك
أبو سعيد غرناطة جمع الجيوش وسار إلى مدينة
المرية ، وهي بأيدي
الفرنج ، أخذوها من المسلمين سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، فلما نازلها وافاه الأسطول من
سبتة وفيه خلق كثير من المسلمين ، فحصروا
المرية برا وبحرا ، وجاء
الفرنج إلى حصنها ، فحصرهم فيها ونزل عسكره على الجبل المشرف عليها ، وبنى
أبو سعيد سورا على الجبل المذكور إلى البحر ، وعمل عليه خندقا ، فصارت المدينة والحصن الذي فيه
الفرنج محصورين بهذا السور والخندق ، ولا يمكن من ينجدهما أن يصل إليهما ، فجمع
الأذفونش ملك
الفرنج بالأندلس ، المعروف
بالسليطين ، في اثني عشر ألف فارس من
الفرنج ، ومعه
محمد بن سعد بن مردنيش في ستة آلاف فارس من المسلمين ، وراموا الوصول إلى مدينة
المرية ودفع المسلمين عنها ، فلم يطيقوا ذلك ، فرجع
السليطين وابن مردنيش خائبين ، فمات
السليطين في عوده قبل أن يصل إلى
طليطلة .
وتمادى الحصار على
المرية ثلاثة أشهر ، فضاقت الميرة ، وقلت الأقوات على
الفرنج ، فطلبوا الأمان ليسلموا الحصن ، فأجابهم
أبو سعيد إليه وأمنهم ، وتسلم الحصن ، ورحل
الفرنج في البحر عائدين إلى بلادهم فكان ملكهم المرية مدة عشر سنين .