ذكر
الحرب بين المؤيد والأمير إيثاق
قد ذكرنا تقدم الأمير
المؤيد أي أبه مملوك السلطان
سنجر ، وتقدمه على عساكر
خراسان ، فحسده جماعة من الأمراء منهم الأمير
إيثاق ، وهو من الأمراء السنجرية ، وانحرف عنه ، وكان تارة يقصد
خوارزم شاه ، وتارة شاه
مازندران ، وتارة يظهر الموافقة
للمؤيد ، ويبطن المخالفة .
فلما كان الآن فارق
مازندران ومعه عشرة آلاف فارس ، قد اجتمع معه كل من يريد الغارة على البلاد ، وكل منحرف عن المؤيد ، وقصد
خراسان وأقام بنواحي
نسا وأبيورد ، لا يظهر المخالفة
للمؤيد بل يراسله بالموافقة والمعاضدة له ، ويبطن ضدها .
وانتقل المؤيد من المكاتبة إلى المكافحة ، وسار إليه جريدة ، فأغار عليه وأوقع
[ ص: 244 ] به ، فتفرق عنه جموعه ونجا بحشاشة نفسه ، وغنم المؤيد وعسكره كل ما لإيثاق ، ومضى منهزما إلى
مازندران ; وكان ملكها
رستم بينه وبين أخ له اسمه
علي تنازع على الملك ، وقد قوي
رستم ، فلما وصل
إيثاق إلى
مازندران قتل
عليا وحمل رأسه إلى أخيه
رستم ، فعظم ذلك على
رستم ، واشتد واستشاط غضبا ، وقال : آكل لحمي ولا أطعمه غيري .
ولم يزل
إيثاق يتردد في
خراسان بالنهب والغارة ، لا سيما مدينة
أسفرايين فإنه أكثر من قصدها حتى خربت ، فراسله
السلطان محمود بن محمد والمؤيد يدعوانه إلى الموافقة ، فامتنع ، فسارا إليه في العساكر ، فلما قارباه أتاهما كثير من عسكره ، فمضى من بين أيديهما إلى
طبرستان في صفر سنة ثلاث وخمسين [ وخمسمائة ] فتبعاه في عساكرهما ، فأرسل شاه
مازندران يطلب الصلح ، فأجاباه واصطلحوا ، وحمل
شاه مازندران أموالا جليلة وهدايا نفيسة ، وسير
إيثاق ابنه رهينة فعادا عنه .