ذكر
الحرب بين العرب وعسكر بغداد
في هذه السنة ، في شهر رمضان ، اجتمعت
خفاجة إلى
الحلة والكوفة ، وطالبوا برسومهم من الطعام والتمر وغير ذلك ، فمنعهم أمير الحاج
أرغش ، وهو مقطع
الكوفة ، ووافقه على منعه
الأمير قيصر شحنة
الحلة ، وهما من مماليك الخليفة ، فأفسدت
خفاجة ، ونهبوا سواد
الكوفة والحلة ، فأسرى إليهم
الأمير قيصر ، شحنة
الحلة ، في مائتين وخمسين فارسا ، وخرج إليه
أرغش في عسكر وسلاح ، فانتزحت
خفاجة من بين أيديهم ، وتبعهم العسكر إلى رحبة
الشام ، فأرسل
خفاجة يعتذرون ويقولون : قد قنعنا بلبن الإبل وخبز الشعير ، وأنتم تمنعوننا رسومنا ، وطلبوا الصلح فلم يجبهم
أرغش وقيصر .
وكان قد اجتمع مع
خفاجة كثير من العرب ، فتصافوا واقتتلوا ، وأرسلت العرب طائفة إلى خيام العسكر ورحالهم فحالوا بينهم وبينها ، وحمل العرب حملة منكرة ، فانهزم العسكر ، وقتل كثير منهم ، وقتل
الأمير قيصر ، وأسرت جماعة أخرى ، وجرح أمير الحاج جراحة شديدة ، ودخل
الرحبة ، فحماه شيخها وأخذ له الأمان وسيره إلى
بغداد ، ومن نجا مات عطشا في البرية .
وكان إماء العرب يخرجن بالماء يسقين الجرحى ، فإذا طلبه منهن أحد من العسكر أجهزن عليه ، وكثر النوح والبكاء
ببغداد على القتلى ، وتجهز
الوزير عون الدين بن هبيرة والعساكر معه ، فخرج في طلب
خفاجة ، فدخلوا البر وخرجوا إلى
البصرة ، ولما دخلوا البر عاد الوزير إلى
بغداد ، وأرسل
بنو خفاجة يعتذرون ، ويقولون : بغي علينا ، وفارقنا البلاد ، فتبعونا واضطررنا إلى القتال ، وسألوا العفو عنهم ، فأجيبوا إلى ذلك .