[ ص: 322 ] ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، في صفر ، وقع
بأصفهان فتنة عظيمة بين nindex.php?page=showalam&ids=14201صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وبين القاضي وغيره من أصحاب المذاهب ، بسبب التعصب للمذاهب ، فدام القتال بين الطائفتين ثمانية أيام متتابعة قتل فيها خلق كثير ، واحترق وهدم كثير من الدور والأسواق ، ثم افترقوا على أقبح صورة .
وفيها بنى
الإسماعيلية قلعة بالقرب من
قزوين ، فقيل
لشمس الدين إيلدكز عنها ، فلم يكن له إنكار لهذه الحال خوفا من شرهم وغائلتهم ، فتقدموا بعد ذلك إلى
قزوين ، فحصروها ، وقاتلهم أهلها أشد قتال رآه الناس .
وحكى لي بعض أصدقائنا بل مشايخنا من الأئمة الفضلاء ، قال : كنت
بقزوين أشتغل بالعلم ، وكان بها إنسان يقود جمعا كبيرا ، وكان موصوفا بالشجاعة ، وله عصابة حمراء ، إذا قاتل عصب بها رأسه ، قال : فكنت أحبه وأشتهي الجلوس معه ، قال : فبينما أنا عنده يوما إذا هو يقول : كأني بالملاحدة وقد قصدوا البلد غدا ، فخرجنا إليهم وقاتلناهم ، فكنت أول الناس وأنا متعصب بهذه العصابة ، فقتلناهم ، فلم يقتل غيري ، ثم ترجع الملاحدة ، ويرجع أهل البلد .
قال : فو الله لما كان الغد إذ قد وقع الصوت بوصول الملاحدة ، فخرج الناس ، قال : فذكرت قول الرجل ، فخرجت والله وليس لي همة إلا [ أن ] أنظر هل يصح ما قال أم لا ؟ قال : فلم يكن إلا قليل حتى عاد الناس وهو محمول على أيديهم قتيلا بعصابته الحمراء ، وذكروا أنه لم يقتل بينهم غيره ، فبقيت متعجبا من قوله كيف صح ، ولم يتغير منه شيء ، ومن أين له هذا اليقين ؟
ولما حكى لي هذه الحكاية لم أسأله عن تاريخها ، وإنما كان في هذه المدة في تلك البلاد ، فلهذا أثبتها هذه السنة على الظن والتخمين .
وفيها قبض
المؤيد أي أبه ، صاحب
نيسابور ، على وزيره
ضياء الملك محمد بن [ ص: 323 ] أبي طالب سعد بن أبي القاسم محمود الرازي وحبسه ، واستوزر بعده
نصير الدين أبا بكر محمد بن أبي نصر محمد المستوفي ، وكان أيام السلطان
سنجر يتولى إشراف ديوانه ، وهو من أعيان
الدولة السنجرية .
وفي هذه السنة وردت الأخبار أن الناس حجوا سنة تسع وخمسين ، ولقوا شدة ، وانقطع منهم خلق كثير في
فيد ،
والثعلبية ،
وواقصة ، وغيرها ، وهلك كثير ، ولم يمض الحاج إلى
مدينة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لهذه الأسباب ، ولشدة الغلاء فيها ، وعدم ما يقتات ، ووقع الوباء في البادية وهلك منهم عالم لا يحصون ، وهلكت مواشيهم ، وكانت الأسعار
بمكة غالية .
وفيها ، في صفر ، قبض
nindex.php?page=showalam&ids=15231المستنجد بالله على الأمير
توبة بن العقيلي ، وكان قد قرب منه قربا عظيما بحيث يخلو معه ، وأحبه المستنجد محبة كثيرة ، فحسده الوزير
ابن هبيرة ، فوضع كتبا من العجم مع قوم وأمرهم أن يتعرضوا ليؤخذوا ، ففعلوا ذلك وأخذوا وأحضروا عند الخليفة ، فأظهروا الكتب بعد الامتناع الشديد ، فلما وقف الخليفة عليها خرج إلى نهر الملك يتصيد ، وكانت حلل
توبة على
الفرات ، فحضر عنده ، فأمر بالقبض عليه ، فقبض وأدخل
بغداد ليلا وحبس ، فكان آخر العهد به ، فلم يمتع الوزير بعده بالحياة بل مات بعد ثلاثة أشهر ، وكان
توبة من أكمل العرب مروءة وعقلا وسخاء وإجازة ، واجتمع فيه من خلال الكمال ما تفرق في الناس .
[ الوفيات ]
وفيها ، في ربيع الأول ،
توفي الشهاب محمود بن عبد العزيز الحامدي الهروي وزير السلطان أرسلان ، ووزير
nindex.php?page=showalam&ids=16139أتابكه شمس الدين إيلدكز .
وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=13615عون الدين الوزير ابن هبيرة ، واسمه يحيى بن محمد أبو المظفر ، وزير الخليفة ، وكان موته في جمادى الأولى ومولده سنة تسعين وأربعمائة ، ودفن
[ ص: 324 ] بالمدرسة التي بناها للحنابلة بباب
البصرة ، وكان حنبلي المذهب ، دينا ، خيرا ، عالما يسمع حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وله فيه التصانيف الحسنة ، وكان ذا رأي سديد ، ونافق على المقتفي نفاقا عظيما ، حتى إن المقتفي كان يقول : لم يزر
لبني العباس مثله ، ولما مات قبض على أولاده وأهله .
وتوفي بهذه السنة
محمد بن سعد البغدادي بالموصل ، وله شعر حسن ، فمن قوله :
أفدي الذي وكلني حبه بطول إعلال وإمراض ولست أدري بعد ذا كله
أساخط مولاي أم راض
وفيها توفي الشيخ الإمام
أبو القاسم عمر بن عكرمة بن البرزي الشافعي ، ( تفقه على الفقيه )
nindex.php?page=showalam&ids=12440إلكيا الهراسي ، وكان واحد عصره في الفقه ، تأتيه الفتاوى من
العراق وخراسان وسائر البلاد ، وهو من
جزيرة ابن عمر .