ذكر
ملك ولده الملك الصالح
لما توفي
نور الدين قام ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16179الملك الصالح إسماعيل بالملك بعده . وكان عمره إحدى عشرة سنة ، وحلف له الأمراء والمقدمون
بدمشق ، وأقام بها ، وأطاعه الناس
[ ص: 396 ] بالشام وصلاح الدين بمصر ، وخطب له بها ، وضرب السكة باسمه ، وتولى تربيته الأمير
شمس [ الدين ] محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدم ، وصار مدبر دولته . فقال له
كمال الدين بن الشهرزوري ولمن معه من الأمراء : قد علمتم أن
صلاح الدين صاحب
مصر هو من مماليك
نور الدين ونوابه أصحاب
نور الدين ، والمصلحة أن نشاوره في الذي نفعله ، ولا نخرجه من بيننا فيخرج عن طاعتنا ، ويجعل ذلك حجة علينا ، وهو أقوى منا ، لأنه قد انفرد اليوم بملك
مصر ، فلم يوافق هذا القول أغراضهم ، وخافوا أن يدخل
صلاح الدين ويخرجهم ، فلم يمض غير قليل حتى وردت كتب
صلاح الدين إلى
الملك الصالح يعزيه ويهنئه بالملك ، وأرسل دنانير مصرية عليها اسمه ويعرفه أن الخطبة والطاعة له كما كانت لأبيه .
فلما سار
nindex.php?page=showalam&ids=16756سيف الدين غازي ، صاحب
الموصل ، وملك البلاد الجزرية ، على ما نذكره ، أرسل
صلاح الدين أيضا إلى
الملك الصالح يعتبه حيث لم يعلمه قصد
سيف الدين بلاده وأخذها ، ليحضر في خدمته ويكف
سيف الدين ، وكتب إلى
كمال الدين والأمراء يقول : لو أن
نور الدين يعلم أن فيكم من يقوم مقامي ، أو يثق به مثل ثقته بي لسلم إليه
مصر التي هي أعظم ممالكه وولاياته ، ولو لم يعجل عليه الموت لم يعهد إلى أحد بتربية ولده والقيام بخدمته غيري ، وأراكم قد تفردتم بمولاي وابن مولاي دوني ، وسوف أصل إلى خدمته ، وأجازي إنعام والده بخدمة يظهر أثرها ، وأجازي كلا منكم على سوء صنيعه في ترك الذب عن بلاده .
وتمسك
ابن المقدم وجماعة الأمراء
بالملك الصالح ، ولم يرسلوه إلى
حلب ، خوفا أن يغلبهم عليه
شمس الدين علي بن الداية ، فإنه أكبر الأمراء النورية ، وإنما منعه من الاتصال به والقيام بخدمته مرض لحقه ، وكان هو وإخوته
بحلب ، وأمرها إليهم ، وعساكرها معهم في حياة
نور الدين وبعده ، ولما عجز عن الحركة أرسل إلى
الملك الصالح يدعوه إلى
حلب ليمنع به البلاد الجزرية من
سيف الدين ابن عمه
قطب الدين ، فلم يمكنه الأمراء الذين معه من الانتقال إلى
حلب لما ذكرناه .