ذكر
انهزام عسكر سيف الدين من صلاح الدين وحصره مدينة حلب
في هذه السنة سار عسكر
سيف الدين مع أخيه
عز الدين وعز الدين زلفندار إلى
حلب ، واجتمع معهما عساكر
حلب ، وساروا كلهم إلى
صلاح الدين ليحاربوه ، فأرسل
[ ص: 410 ] صلاح الدين إلى
سيف الدين يبذل تسليم
حمص وحماة ، وأن يقر بيده مدينة
دمشق ، وهو فيها نائب
الملك الصالح ، فلم يجب إلى ذلك ، وقال : لا بد من تسليم جميع ما أخذ من بلاد
الشام والعود إلى
مصر .
وكان
صلاح الدين يجمع عساكره ويتجهز للحرب ، فلما امتنع
سيف الدين من إجابته إلى ما بذل سار في عساكره إلى
عز الدين مسعود وزلفندار ، فالتقوا تاسع عشر رمضان ، بالقرب من مدينة
حماة ، بموضع يقال له
قرون حماة ، وكان
زلفندار جاهلا بالحروب والقتال ، غير عالم بتدبيرها ، مع جبن فيه ، إلا أنه قد رزق سعادة وقبولا من
سيف الدين ، فلما التقى الجمعان لم يثبت العسكر السيفي ، وانهزموا لا يلوي أخ على أخيه ، وثبت
عز الدين أخو
سيف الدين بعد انهزام أصحابه ، فلما رأى
صلاح الدين ثباته قال : إما أن هذا أشجع الناس ، أو أنه لا يعرف الحرب ، وأمر أصحابه بالحملة عليه ، فحملوا فأزالوه عن موقفه ، وتمت الهزيمة عليهم .
وتبعهم
صلاح الدين وعسكره حتى جاوزوا معسكرهم ، وغنموا منهم غنائم كثيرة ، وآلة ، وسلاحا عظيما ، ودواب فارهة ، وعادوا بعد طول البيكار مستريحين ، وعاد المنهزمون إلى
حلب ، وتبعهم
صلاح الدين ، فنازلهم بها محاصرا لها ومقاتلا ، وقطع حينئذ خطبة
nindex.php?page=showalam&ids=16179الملك الصالح بن نور الدين ، وأزال اسمه عن السكة في بلاده ، ودام محاصرا لهم ، فلما طال الأمر عليهم راسلوه في الصلح على أن يكون له ما بيده من بلاد
الشام ولهم ما بأيديهم منها ، فأجابهم إلى ذلك ، وانتظم الصلح ورحل عن
حلب في العشر الأول من شوال ووصل إلى
حماة ، ووصلت إليه بها خلع الخليفة مع رسوله .