[ ص: 423 ] 572
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة
ذكر
نهب صلاح الدين بلد الإسماعيلية
لما رحل
صلاح الدين من
حلب ، على ما ذكرناه قبل ، قصد بلاد
الإسماعيلية في المحرم ليقاتلهم بما فعلوه به من الوثوب عليه وإرادة قتله ، فنهب بلدهم وخربه وأحرقه ، وحصر
قلعة مصياف ، وهي أعظم حصونهم ، وأحصن قلاعهم ، فنصب عليها المجانيق ، وضيق على من بها ، ولم يزل كذلك ، فأرسل
سنان مقدم
الإسماعيلية إلى
شهاب الدين الحارمي ، صاحب
حماة وهو خال
صلاح الدين ، يسأله أن يدخل بينهم ويصلح الحال ويشفع فيهم ، ويقول له : إن لم تفعل قتلناك وجميع أهل
صلاح الدين وأمرائه ، فحضر
شهاب عند
صلاح الدين وشفع فيهم وسأل الصفح عنهم ، فأجابه إلى ذلك ، وصالحهم ، ورحل عنهم .
وكان عسكره قد ملوا من طول البيكار ، وقد امتلات أيديهم من غنائم عسكر
الموصل ، ونهب بلد
الإسماعيلية ، فطلبوا العود إلى بلادهم للاستراحة ، فأذن لهم ، وسار هو إلى
مصر مع عسكرها ، لأنه كان قد طال عهده عنها ، ولم يمكنه المضي إليها فيما تقدم خوفا على بلاد
الشام ، فلما انهزم
سيف الدين ، وحصر هو
حلب ، وملك بلادها ، واصطلحوا ، أمن على البلاد ، فسار إلى
مصر ، فلما وصل إليها أمر
[ ص: 424 ] ببناء سور على
مصر في الشعاري والغياض
والقاهرة والقلعة التي على
جبل المقطم ، دوره تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة ذراع بالذراع الهاشمي ، ولم يزل العمل فيه إلى أن مات
صلاح الدين .