ذكر
قتل كمشتكين وحصر الفرنج حارم
في هذه السنة قبض
nindex.php?page=showalam&ids=16179الملك الصالح بن نور الدين على
سعد الدين كمشتكين ، وكان المتولي لأمر دولته والحاكم فيها ، وسبب قبضه أنه كان
بحلب إنسان من أعيان أهلها يقال له
أبو صالح بن العجمي ، وكان مقدما عند
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود ، فلما مات
نور الدين تقدم أيضا في دولة ولده
الملك الصالح ، وصار بمنزلة الوزير الكبير المتمكن لكثرة أتباعه
بحلب ولأن كل من كان يحسد
كمشتكين انضم إلى
صالح ،
[ ص: 431 ] وقووا جنانه ، وكثروا سواده ، وكان عنده إقدام وجرأة فصار واحد الدولة
بحلب ، ومن يصدر الجماعة عن رأيه وأمره .
فبينما هو في بعض الأيام في الجامع وثب به
الباطنية فقتلوه ومضى شهيدا ، وتمكن بعده
سعد الدين وقوي حاله ، فلما قتل أحال الجماعة قتله على
سعد الدين ، وقالوا : هو وضع
الباطنية عليه حتى قتلوه ، وذكروا ذلك
للملك الصالح ، ونسبوه إلى العجز ، وأنه ليس له حكم ، وأن
سعد الدين قد تحكم عليه واحتقره واستصغره ، وقتل وزيره ، ولم يزالوا به حتى قبض عليه .
وكانت
قلعة حارم لسعد الدين قد أقطعه إياها
الملك الصالح ، فامتنع من بها بعد قبضه ، وتحصنوا فيها ، فسير
سعد الدين إليها تحت الاستظهار ليأمر أصحابه بتسليمها إلى
الملك الصالح ، فأمرهم بذلك ، فامتنعوا ، فعذب
كمشتكين وأصحابه يرونه ولا يرحمونه ، فمات في العذاب ، وأصر أصحابه على الامتناع والعصيان .
فلما رأى
الفرنج ذلك ساروا إلى
حارم من
حماة في جمادى الأولى ، على ما نذكره ، ظنا منهم أنهم لا ناصر لهم ، وأن
الملك الصالح صبي قليل العسكر ،
وصلاح الدين بمصر ، فاغتنموا هذه الفرصة ونازلوها وأطالوا المقام عليها مدة أربعة أشهر ، ونصبوا عليها المجانيق والسلالم ، فلم يزالوا كذلك إلى أن بذل لهم
الملك الصالح مالا ، وقال لهم : إن
صلاح الدين واصل إلى
الشام ، وربما سلم القلعة من بها إليه ، فأجابوه حينئذ إلى الرحيل عنها ، فلما رحلوا عنها سير إليها
الملك الصالح جيشا فحصروها ، وقد بلغ الجهد منهم بحصار
الفرنج ، وصاروا كأنهم طلائع ، وكان قد قتل من أهلها وجرح كثير ، فسلموا القلعة إلى
الملك الصالح ، فاستناب بها مملوكا كان لأبيه اسمه
سرخك .