ذكر
حصر صفد وكوكب و الكرك
لما سار
صلاح الدين إلى
عسقلان جعل على
قلعة كوكب ، وهي مطلة على
الأردن من يحصرها ، ويحفظ الطريق للمجتازين لئلا ينزل من به من الفرنج يقطعونه ، وسير طائفة أخرى من العسكر أيضا إلى قلعة
صفد فحصروها ، وهي مطلة على مدينة
طبرية .
وكان حصن
كوكب للإسبتار ، وحصن
صفد للداوية ، وهما قريبان من
حطين ، موضع المصاف ، فلجأ إليها جمع ممن سلم من
الداوية والاسبتار فحموهما ، فلما حصرهما المسلمون استراح الناس من شر من فيهما ، واتصلت الطرق حتى كان يسير فيها المنفرد فلا يخاف .
وكان مقدم الجماعة الذين يحصرون
قلعة كوكب أميرا يقال له
سيف الدين ، وهو أخو
جاولي الأسدي ، وكان شهما شجاعا ، يرجع إلى دين وعبادة ، فأقام عليه إلى آخر شوال ، وكان أصحابه يحرسون نوبا مرتبة .
فلما كان آخر ليلة من شوال غفل الذي
[ ص: 43 ] كانت نوبته في الحراسة ، وكان قد صلى ورده من الليل إلى السحر ، وكانت ليلة كثيرة الرعد والبرق ، والريح والمطر ، فلم يشعر المسلمون وهم نازلون إلا والفرنج قد خالطوهم بالسيوف ، ووضعوا السلاح فيهم ، فقتلوهم أجمعين ، وأخذوا ما كان عندهم من طعام وسلاح وغيره وعادوا إلى قلعتهم ، فقووا بذلك قوة عظيمة أمكنتهم أن يحفظوا قلعتهم إلى أن أخذت أواخر سنة أربع وثمانين [ وخمسمائة ] ، على ما سنذكره إن شاء الله .
وأتى الخبر إلى
صلاح الدين بذلك ، عند رحيله عن (
صور ، فعظم ) ذلك عليه ، مضافا إلى ما ناله من أخذ شوانيه ومن فيها ، ورحيله عن
صور ، ثم رتب على
حصن كوكب الأمير
قايماز النجمي في جماعة أخرى من الأجناد ، فحصروها .