[ ص: 50 ] ذكر
فتح لاذقية
لما فرغ السلطان من أمر
جبلة ، سار عنها إلى
لاذقية ، فوصل إليها في الرابع والعشرين من جمادى الأولى ، فترك الفرنج المدينة لعجزهم عن حفظها ، وصعدوا إلى حصنين لها على الجبل فامتنعوا بهما .
فدخل المسلمون المدينة وحصروا القلعتين اللتين فيهما الفرنج ، وزحفوا إليهما ، ونقبوا السور ستين ذراعا ، وعلقوه وعظم القتال واشتد الأمر عند الوصول إلى السور ، فلما أيقن الفرنج بالعطب ، ودخل عليهم قاضي
جبلة فخوفهم من المسلمين ، وطلبوا الأمان ، فأمنهم
صلاح الدين ، ورفعوا الأعلام الإسلامية إلى الحصنين وكان ذلك في اليوم الثالث من النزول عليها .
وكانت عمارة
اللاذقية من أحسن الأبنية وأكثرها زخرفة مملوءة بالرخام على اختلاف أنواعه ، فخرب المسلمون منها ، ونقلوا رخامها ، وشعثوا كثيرا من بيعها التي قد غرم على كل واحد منها الأموال الجليلة المقدار وسلمها إلى ابن أخيه
تقي الدين عمر ، فعمرها ، وحصن قلعتها حتى إذا رآها اليوم من رآها قبل أن ينكرها فلا يظن أن هذه تلك ; وكان عظيم الهمة في تحصين القلاع والغرامة الوافرة عليها ، كما فعل بقلعة
حماة .