ذكر
وفاة زين الدين يوسف صاحب إربل ، ومسير أخيه مظفر الدين إليها
كان
زين الدين يوسف بن زين الدين علي ، صاحب
إربل ، قد حضر عند
صلاح الدين بعساكره . فمرض ومات ثامن عشر شهر رمضان .
وذكر
العماد الكاتب في كتابه " البرق الشامي " كما قال : " جئنا إلى
مظفر الدين [ ص: 88 ] نعزيه بأخيه ، وظننا به الحزن ، وليس له أخ غيره ، ولا ولد يشغله عنه ، فإذا هو في شغل شاغل عن العزاء ، مهتم بالاحتياط على ما خلفه .
وهو جالس في خيام أخيه المتوفى ، وقد قبض على جماعة من أمرائه واعتقلهم ، [ وعجل عليهم ] ، وما أغفلهم ، منهم
بلداجي ، صاحب
قلعة خفتيذكان ، وأرسل إلى
صلاح الدين يطلب منه
إربل لينزل عن
حران والرها ، فأقطعه إياها ، وأضاف إليها
شهرزور وأعمالها ،
ودربند قرابلي ،
وبني قفجاق .
ولما مات
زين الدين كاتب من كان
بإربل مجاهد الدين قايماز لهواهم فيه ، وحسن سيرته فيهم ، وطلبوه إليهم ليملكوه ، فلم يجسر هو ولا صاحبه
عز الدين أتابك مسعود بن مودود على ذلك ، خوفا من
صلاح الدين .
وكان أعظم الأسباب في تركها أن
عز الدين كان قد قبض على
مجاهد الدين ، فتمكن
زين الدين من
إربل ، ثم إن
عز الدين أخرج
مجاهد الدين من القبض ، وولاه نيابته ، وقد ذكرنا ذلك أجمع .
فلما ولاه النيابة عنه لم يمكنه ، وجعل معه إنسانا كان من بعض غلمان
مجاهد الدين ، فكان يشاركه في الحكم ويحل عليه ما يعقده ، فلحق في
مجاهد الدين من ذلك غيظ شديد ، فلما طلب إلى
إربل قال لمن يثق به : لا أفعل لئلا يحكم فيها فلان ، ويكف يدي عنها ، فجاء
مظفر الدين إليها وملكها ، وبقي غصة في حلق البيت الأتابكي لا يقدرون على إساغتها . وسنذكر ما اعتمده معهم مرة بعد أخرى ، إن شاء الله تعالى .