[ ص: 101 ] ذكر
رحيل الفرنج إلى نطرون
لما رأى
صلاح الدين أن الفرنج قد لزموا
يافا ولم يفارقوها ، وشرعوا في عمارتها ، رحل من منزلته إلى
النطرون ثالث عشر رمضان ، وخيم به ، فراسله ملك
إنكلتار يطلب المهادنة ، فكانت الرسل تتردد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14732الملك العادل أبي بكر بن أيوب أخي
صلاح الدين .
فاستقرت القاعدة أن ملك
إنكلتار يزوج أخته من
العادل ، ويكون
القدس وما بأيدي المسلمين ، من بلاد الساحل
للعادل ، وتكون
عكا وما بيد الفرنج من البلاد لأخت ملك
إنكلتار ، مضافا إلى مملكة كانت لها داخل البحر قد ورثتها من زوجها .
وأن يرضى
الداوية بما يقع الاتفاق عليه ، فعرض
العادل ذلك على
صلاح الدين ، فأجاب إليه ، فلما ظهر الخبر اجتمع القسيسون ، والأساقفة ، والرهبان إلى أخت ملك
إنكلتار وأنكروا عليها فامتنعت من الإجابة ، وقيل كان المانع منه غير ذلك ، والله أعلم .
وكان
العادل وملك
إنكلتار يجتمعان بعد ذلك ويتجاريان حديث الصلح ، وطلب من
العادل أن يسمعه غناء المسلمين ، فأحضر له مغنية تضرب بالجنك ، فغنت له ، فاستحسن ذلك ، ولم يتم بينهما صلح ، وكان ملك
إنكلتار يفعل ذلك خديعة ومكرا .
ثم إن الفرنج أظهروا العزم على قصد
البيت المقدس ، فسار
صلاح الدين إلى
الرملة ، جريدة ، وترك الأثقال
بالنطرون ، وقرب من الفرنج ، وبقي عشرين يوما ينتظرهم ، فلم يبرحوا ، فكان بين الطائفتين ، مدة المقام ، عدة وقعات في كلها ينتصر المسلمون على الفرنج .
وعاد
صلاح الدين إلى
النطرون ، ورحل الفرنج من
يافا إلى
الرملة ثالث ذي القعدة ، على عزم قصد
البيت المقدس ، فقرب بعضهم من بعض فعظم الخطب واشتد الحذر ، فكان كل ساعة يقع الصوت في العسكرين بالنفير فلقوا من ذلك شدة شديدة ، وأقبل الشتاء ، وحالت الأوحال والأمطار بينهما .