ذكر
سير الأفضل والعادل إلى بلاد الجزيرة
قد تقدم ذكر موت
تقي الدين عمر ابن [ أخي ]
صلاح الدين ، واستيلاء ولده
ناصر الدين محمد على
بلاد الجزيرة ، فلما استولى عليها أرسل إلى
صلاح الدين يطلب تقريرها عليه ، مضافا إلى ما كان لأبيه
بالشام ، فلم ير
صلاح الدين أن مثل تلك البلاد تسلم إلى صبي ، فما أجابه إلى ذلك ، فحدث نفسه بالامتناع على
صلاح الدين لاشتغاله بالفرنج .
فطلب
الأفضل علي بن
صلاح الدين من أبيه أن يقطعه ما كان
لتقي الدين ، وينزل عن
دمشق ، فأجابه إلى ذلك ، وأمره بالمسير إليها ، فسار إلى
حلب في جماعة من العسكر ، وكتب
صلاح الدين إلى أصحاب البلاد الشرقية ، مثل صاحب
الموصل ، وصاحب
سنجار ، وصاحب الجزية ، وصاحب
ديار بكر ، وغيرها ، يأمرهم بإنفاذ العساكر إلى ولده
الأفضل .
فلما رأى ولد
تقي الدين ذلك علم أنه لا قوة له بهم ، فراسل
nindex.php?page=showalam&ids=14732الملك العادل [ أبا بكر بن أيوب ] عم أبيه ، يسأله إصلاح حاله مع
صلاح الدين ، فأنهى ذلك إلى
صلاح الدين ، وأصلح حاله ، وقرر قاعدته بأن يقرر له ما كان لأبيه
بالشام ، وتؤخذ منه
البلاد الجزرية ، واستقرت القاعدة على ذلك .
وأقطع
صلاح الدين البلاد الجزرية ، وهي
حران ،
والرها وسميساط ،
وميافارقين ، وحاني
العادل ، وسيره إلى
ابن تقي الدين ليتسلم منه البلاد ، ويسيره إلى
صلاح الدين ، ويعيد
الملك الأفضل أين أدركه ، فسار
العادل فلحق
الأفضل بحلب ، فأعاده إلى أبيه ، وعبر
العادل الفرات ، وتسلم البلاد من
ابن تقي الدين ، وجعل نوابه فيها ، واستصحب
ابن تقي الدين معه ، وعاد إلى
صلاح الدين بالعساكر ، وكان عوده في جمادى الآخرة من هذه السنة .