[ ص: 144 ] 593
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة
ذكر
إرسال الأمير أبي الهيجاء إلى همذان وما فعله
في هذه السنة ، في صفر ، وصل إلى
بغداد أمير كبير من أمراء
مصر واسمه
أبو الهيجاء - ويعرف بالسمين - لأنه كان كثير السمن ، وكان من أكابر أمراء
مصر ، وكان في إقطاعه أخيرا
البيت المقدس وغيره مما يجاوره ، فلما
ملك العزيز والعادل مدينة
دمشق من
الأفضل أخذ
القدس منه ، ففارق
الشام ، وعبر
الفرات إلى
الموصل ، ثم انحدر إلى
بغداد ، لأنه طلب من ديوان الخلافة ، فلما وصل إليها أكرم إكراما كثيرا ، ثم أمر بالتجهيز والمسير إلى
همذان مقدما على العساكر البغدادية ، فسار إليها والتقى عندها بالملك
أوزبك بن البهلوان وأمير علم وابنه ،
وابن سطمس ، وغيرهم ، وهم قد كاتبوا الخليفة بالطاعة ، فلما اجتمع بهم وثقوا به ولم يحذروه ، فقبض على
أوزبك وابن سطمس وابن قرا بموافقة من أمير علم ، فلما وصل الخبر بذلك إلى
بغداد ، أنكرت هذه الحال على
أبي الهيجاء ، وأمر بالإفراج عن الجماعة وسيرت لهم الخلع من
بغداد تطييبا لقلوبهم ، فلم يسكنوا بعد هذه الحادثة ولا أمنوا ، ففارقوا
أبا الهيجاء السمين ، فخاف الديوان ، فلم يرجع إليه ، ولم يمكنه أيضا المقام ، فعاد يريد إربل لأنه من بلدها هو ، فتوفي قبل وصوله إليها وهو من
الأكراد الحكمية من بلد
إربل .