ذكر
ملك الكرج مدينة دوين
في هذه السنة استولى الكرج على مدينة
دوين ، من
أذربيجان ، ونهبوها ، واستباحوها ، وأكثروا القتل في أهلها ، وكانت هي وجميع بلاد
أذربيجان للأمير
أبي [ ص: 192 ] بكر بن البهلوان ، وكان على عادته مشغولا بالشرب ليلا ونهارا ، لا يفيق ، ولا يصحو ولا ينظر في أمر مملكته ورعيته وجنده ، قد ألقى الجميع عن قلبه ، وسلك طريق من ليس له علاقة ، وكان أهل تلك البلاد قد أكثرت الاستغاثة به ، وإعلامه بقصد الكرج بلادهم بالغارة مرة بعد أخرى ، فكأنهم ينادون صخرة صماء ، فلما حصر الكرج هذه السنة مدينة
دوين ، سار منهم جماعة يستغيثون ، فلم يغثهم وخوفه جماعة من أمرائه عاقبة إهماله وتوانيه وإصراره على ما هو فيه فلم يصغ إليهم ، فلما طال الأمر على أهلها ضعفوا ، وعجزوا ، وأخذهم الكرج عنوة بالسيف وفعلوا ما ذكرنا .
ثم إن الكرج بعد أن استقر أمرهم بها أحسنوا إلى من بقي من أهلها ، فالله - تعالى - ينظر إلى المسلمين ، ويسهل لثغورهم من يحفظها ويحميها ، فإنها مستباحة ، لا سيما هذه الناحية - فإنا لله وإنا إليه راجعون - فلقد بلغنا من فعل الكرج بأهل
دوين من القتل والسبي والأمر مما تقشعر منه الجلود .