ذكر
وفاة ركن الدين بن قلج أرسلان وملك ابنه بعده
وفي هذه السنة ، سادس ذي القعدة ، توفي ركن الدين
سليمان بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن سلجوق ، صاحب ديار الروم ما بين
ملطية وقونية ، وكان موته بمرض القولنج في سبعة أيام ، وكان قبل مرضه بخمسة أيام قد غدر بأخيه صاحب أنكورية ، وتسمى أيضا أنقرة - وهي مدينة منيعة - ، وكان مشاقا لركن الدين ، فحصره عدة سنين حتى ضعف وقلت الأقوات عنده ، فأذعن بالتسليم على عوض يأخذه ، فعوضه قلعة في أطراف بلده وحلف له عليها ، فنزل أخوه عن مدينة
أنقرة . وسلمها ومعه ولدان له . فوضع ركن الدين عليه
[ ص: 202 ] من أخذه ، وأخذ أولاده معه ، فقتله فلم يمض غير خمسة أيام حتى أصابه القولنج فمات .
واجتمع الناس بعده على ولده
قلج أرسلان وكان صغيرا ، فبقي في الملك إلى بعض سنة إحدى وستمائة ، وأخذ منه ، على ما نذكره هناك .
وكان ركن الدين شديدا على الأعداء ، قيما بأمر الملك ، إلا أن الناس كانوا ينسبونه إلى فساد الاعتقاد ، كان يقال إنه يعتقد أن مذهبه مذهب الفلاسفة ، وكان كل من يرمى بهذا المذهب يأوي إليه ، ولهذه الطائفة منه إحسان كثير ، إلا أنه كان عاقلا يحب ستر هذا المذهب لئلا ينفر الناس عنه .
حكي لي عنه أنه كان عنده إنسان ، وكان يرمى بالزندقة ومذهب الفلاسفة ، وهو قريب منه ، فحضر يوما عنده فقيه ، فتناظرا ، فأظهر شيئا من اعتقاد الفلاسفة ، فقام الفقيه إليه ولطمه وشتمه بحضرة
ركن الدين ، وركن الدين ساكت ، وخرج الفقيه فقال
لركن الدين : يجري علي مثل هذا في حضرتك ولا تنكره ؟ فقال : لو تكلمت لقتلنا جميعا ، ولا يمكن إظهار ما تريده أنت ففارقه .