ذكر
قتل شهاب الدين الغوري في هذه السنة ، أول ليلة من شعبان قتل
nindex.php?page=showalam&ids=14507شهاب الدين أبو المظفر محمد بن سام الغوري ملك
غزنة وبعض
خراسان بعد عوده من
لهاوور ، بمنزل يقال له
دميل ، وقت صلاة العشاء .
وكان سبب قتله أن نفرا من الكفار
الكوكرية لزموا عسكره عازمين على قتله ، لما فعل بهم من القتل والأسر والسبي ، فلما كان هذه الليلة تفرق عنه أصحابه ، وكان قد
[ ص: 215 ] عاد ومعه من الأموال ما لا يحد ، فإنه كان عازما على قصد
الخطا ، والاستكثار من العساكر ، وتفريق المال فيهم ، وقد أمر عساكره
بالهند باللحاق به ، وأمر عساكره الخراسانية بالتجهز إلى أن يصل إليهم ، فأتاه الله من حيث لم يحتسب ، ولم يغن عنه ما جمع من مال وسلاح ورجال ، لكن كان على نية صالحة من قتال الكفار .
فلما تفرق عنه أصحابه ، وبقي وحده في خركاه ، ثار أولئك النفر ، فقتل أحدهم بعض الحراس
بباب سرادق شهاب الدين ، فلما قتلوه صاح ، فثار أصحابه من حول السرادق لينظروا ما بصاحبهم ، فأخلوا مواقفهم ، وكثر الزحام ، فاغتنم
الكوكرية غفلتهم عن الحفظ ، فدخلوا على
شهاب الدين وهو في الخركاه ، فضربوه بالسكاكين اثنتين وعشرين ضربة فقتلوه ، فدخل عليه أصحابه ، فوجدوه على مصلاه قتيلا وهو ساجد ، فأخذوا أولئك الكفار فقتلوهم ، وكان فيهم اثنان مختونان .
وقيل إنما قتله
الإسماعيلية لأنهم خافوا خروجه إلى
خراسان ، وكان له عسكر يحاصر بعض قلاعهم على ما ذكرناه .
فلما قتل اجتمع الأمراء عند وزيره
مؤيد الملك بن خوجا سجستان ، فتحالفوا على حفظ الخزانة والملك ، ولزوم السكينة إلى أن يظهر من يتولاه ، وأجلسوا
شهاب الدين وخيطوا جراحه وجعلوه في المحفة وساروا به ، ورتب الوزير الأمور ، وسكن الناس بحيث لم ترق محجمة دم ، ولم يوجد في أحد شيء .
وكانت المحفة محفوفة بالحشم ، والوزير ، والعسكر ، والشمسة ، على حاله في حياته ، وتقدم الوزير إلى أمير داذ العسكر بإقامة السياسة ، وضبط العسكر ، وكانت الخزانة التي في صحبته ألفي حمل ومائتي حمل ، وشغب الغلمان الأتراك الصغار لينهبوا المال ، فمنعهم الوزير والأمراء الكبار من المماليك ، وهو
صونج صهر
ألدز وغيره ، وأمروا كل من له إقطاع عند
قطب الدين أيبك مملوك
شهاب الدين ببلاد الهند بالعود إليه ، وفرقوا فيهم أموالا كثيرة فعادوا .
[ ص: 216 ] وسار الوزير ومعه من له إقطاع وأهل
بغزنة ، وعلموا أنه يكون بين
nindex.php?page=showalam&ids=16193غياث الدين محمود بن غياث الدين أخي
شهاب الدين الأكبر ، وبين
بهاء الدين صاحب
باميان ، وهو ابن أخت
شهاب الدين ، حروب شديدة ، وكان ميل الوزير
والأتراك وغيرهم إلى
غياث الدين محمود ، وكان الأمراء الغورية يميلون إلى
بهاء الدين سام ، صاحب
باميان ، فأرسل كل طائفة إلى من يميلون إليه يعرفونه قتل
شهاب الدين وجلية الأمور .
وجاء بعض المفسدين من
أهل غزنة ، فقال للمماليك : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16785فخر الدين الرازي قتل مولاكم لأنه هو أوصل من قتله ، بوضع من
خوارزم شاه ، فثاروا به ليقتلوه ، فهرب ، وقصد
مؤيد الملك الوزير ، فأعلمه الحال فسيره سرا إلى مأمنه .
ولما وصل العسكر والوزير إلى
فرشابور اختلفوا ،
فالغورية يقولون نسير إلى
غزنة على طريق
مكرهان ، وكان غرضهم أن يقربوا من
باميان ليخرج صاحبها
بهاء الدين سام فيملك الخزانة ، وقال
الأتراك بل نسير على طريق
سوران ، وكان مقصودهم أن يكونوا قريبا من
تاج الدين ألدز مملوك
شهاب الدين ، وهو صاحب
كرمان - مدينة بين
غزنة ولهاوور ، وليست
بكرمان التي تجاور
بلاد فارس - ليحفظ
ألدز الخزانة ، ويرسلوا من
كرمان إلى
غياث الدين يستدعونه إلى
غزنة ويملكونه .
وكثر بينهم الاختلاف ، حتى كادوا يقتتلون ، فتوصل
مؤيد الملك مع
الغورية حتى أذنوا له
وللأتراك بأخذ الخزانة والمحفة التي فيها
شهاب الدين والمسير على
كرمان ، وساروا هم على طريق
مكرهان ، ولقي الوزير ومن معه مشقة عظيمة ، وخرج عليهم الأمم الذين في تلك الجبال التيراهية
وأوغان وغيرهم ، فنالوا من أطراف العسكر إلى أن وصلوا إلى
كرمان ، فخرج إليهم
تاج الدين ألدز يستقبلهم ، فلما عاين المحفة ، وفيها
شهاب الدين ميتا ، نزل وقبل الأرض على عادته في حياة
شهاب الدين ، وكشف عنه ، فلما رآه ميتا مزق ثيابه وصاح وبكى فأبكى الناس ، وكان يوما مشهودا .