ابتدئ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه أواخر صفر ، في بيت nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش ، وكان يدور على نسائه حتى اشتد مرضه في بيت ميمونة ، فجمع نساءه ، فأستأذنهن أن يتمرض في بيت عائشة ، ووصلت أخبار بظهور الأسود العنسي باليمن ، ومسيلمة باليمامة ، وطليحة في بني أسد ، وعسكر بسميراء ، وسيجيء ذكر أخبارهم إن شاء الله - تعالى - .
[ ص: 181 ] وخرج أسامة فضرب الجرف العسكر وتمهل الناس ، وثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يشغله شدة مرضه عن إنفاذ أمر الله ، فأرسل إلى نفر من الأنصار في أمر الأسود ، فأصيب الأسود في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بيوم ، فأرسل إلى جماعة من الناس يحثهم على جهاد من عندهم من المرتدين .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه . فقال الناس : كيف أصبح رسول الله ؟ قال : أصبح بحمد الله بارئا . فأخذ بيده العباس فقال : أنت بعد ثلاث عبد العصا ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيتوفى في مرضه هذا ، وإني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب ، فاذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاسأله فيمن يكون هذا الأمر ، فإن كان فينا علمناه ، وإن كان في غيرنا أمره أوصى بنا . فقال علي : لئن سألناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعناها ، لا يعطيناها الناس أبدا ، والله لا أسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبدا .
قال أسامة : لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هبطت أنا ومن معي إلى المدينة ، فدخلنا عليه وقد صمت فلا يتكلم ، فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي ، فعلمت أنه يدعو لي .
ولما اشتد مرضه أذنه بلال بالصلاة فقال : مروا أبا بكر يصلي بالناس . قالت عائشة : فقلت : إنه رجل رقيق ، وإنه متى يقوم مقامك لا يطيق ذلك . فقال : مروا أبا بكر فيصلي بالناس . فقلت مثل ذلك ، فغضب ، وقال : إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر يصلي بالناس . فتقدم أبو بكر ، فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفة فخرج بين رجلين ، فلما دنا من أبي بكر تأخر أبو بكر ، فأشار إليه أن قم مقامك ، فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جنب أبي بكر جالسا ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر .
وصلى أبو بكر بالناس سبع عشرة صلاة ، وقيل : ثلاثة أيام .
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في اليوم الذي توفي فيه إلى الناس في صلاة الصبح ، فكاد الناس يفتتنون في صلاتهم ؛ فرحا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرحا لما رأى من هيئتهم في الصلاة ، ثم رجع وانصرف الناس وهم يظنون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أفاق من وجعه ، ورجع أبو بكر إلى منزله بالسنح .
قالت : توفي وهو بين سحري ونحري ، فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبض في حجري ، فوضعت رأسه على وسادة ، وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي .
وروي عنها أنها قالت : ثم سارني الثانية ، وأخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة ، فضحكت .
وكان موته يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، ودفن من الغد نصف النهار ، وقيل : مات نصف النهار يوم الاثنين ، لليلتين بقيتا من ربيع الأول .
ولما توفي كان أبو بكر بمنزله بالسنح ، وعمر حاضر ، فلما توفي قام عمر فقال : إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي ، وإنه والله ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران ، والله ليرجعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليقطعن أيدي [ ص: 186 ] رجال وأرجلهم زعموا أنه مات .
وأقبل أبو بكر وعمر يكلم الناس ، فدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجى في ناحية البيت ، فكشف عن وجهه ثم قبله ، وقال : بأبي أنت وأمي ، طبت حيا وميتا ، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها . ثم رد الثوب على وجهه ، ثم خرج وعمر يكلم الناس ، فأمره بالسكوت فأبى ، فأقبل أبو بكر على الناس ، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ، من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين . قال : فوالله لكأن الناس ما سمعوها إلا منه . قال عمر : فوالله ما هو إلا إذ سمعتها فعقرت حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي ، وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مات .
ولما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصل خبره إلى مكة ، وعامله عليها عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية ، استخفى عتاب وارتجت مكة ، وكاد أهلها يرتدون ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو على باب الكعبة وصاح بهم ، فاجتمعوا إليه ، فقال : يا أهل مكة ، لا تكونوا آخر من أسلم وأول من ارتد ، والله ليتمن الله هذا الأمر كما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقد رأيته قائما مقامي هذا وحده وهو يقول : قولوا معي : لا إله إلا الله تدن لكم العرب ، وتؤد إليكم العجم الجزية ، والله لتنفقن كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله - فمن بين مستهزئ ومصدق ، فكان ما رأيتم ، والله ليكونن الباقي . فامتنع الناس من الردة . وهذا المقام الذي قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أسر nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو في بدر nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب ، وقد ذكر هناك .