[ ص: 241 ] ذكر
ملك خوارزم شاه الطالقان
لما سلم
خوارزم شاه ترمذ إلى
الخطا سار عنها إلى
ميهنة وأندخوي [ وكتب ] إلى
سونج أمير أشكار ، نائب
غياث الدين محمود بالطالقان ، يستميله ، فعاد الرسول خائبا لم يجبه
سونج إلى ما أراد منه ، وجمع عسكره وخرج يحارب
خوارزم شاه ، فالتقوا بالقرب من
الطالقان .
فلما تقابل العسكران حمل
سونج وحده مجدا حتى قارب عسكر
خوارزم شاه ، فألقى نفسه إلى الأرض ، ورمى سلاحه عنه ، وقبل الأرض ، وسأل العفو ، فظن
خوارزم شاه أنه سكران ، فلما علم أنه صاح ذمه وسبه ، وقال : من يثق بهذا وأشباهه ! ولم يلتفت إليه ، وأخذ ما
بالطالقان من مال وسلاح ودواب وأنفذه إلى
غياث الدين مع رسول ، وحمله رسالة تتضمن التقرب إليه والملاطفة له ، واستناب
بالطالقان بعض أصحابه ، وسار إلى قلاع
كالورين وبيوار ، فخرج إليه
حسام الدين علي بن أبي علي ، صاحب
كالورين ، وقاتله على رءوس الجبال ، فأرسل إليه
خوارزم شاه يتهدده إن لم يسلم إليه ، فقال : أما أنا فمملوك ، وأما هذه الحصون فهي أمانة بيدي ، ولا أسلمها إلا إلى صاحبها ، فاستحسن
خوارزم شاه منه هذا ، وأثنى عليه ، وذم
سونج .
ولما بلغ
غياث الدين خبر
سونج ، وتسليمه
الطالقان إلى
خوارزم شاه ، عظم عنده وشق عليه ، فسلاه أصحابه ، وهونوا الأمر .
ولما فرغ
خوارزم شاه من
الطالقان سار إلى
هراة ، فنزل بظاهرها ، ولم يمكن
ابن خرميل أحدا من الخوارزميين أن يتطرق بالأذى إلى أهلها ، وإنما كانوا يجتمع منهم الجماعة بعد الجماعة ، فيقطعون الطريق ، وهذه عادة الخوارزميين .
ووصل رسول
غياث الدين إلى
خوارزم شاه بالهدايا ، ورأى الناس عجبا ، وذلك أن الخوارزميين لا يذكرون
nindex.php?page=showalam&ids=14779غياث الدين الكبير والد
غياث الدين هذا ، ولا يذكرون أيضا
شهاب الدين أخاه ، وهما حيان ، إلا بالغوري ، وصاحب
غزنة ، وكان وزير
[ ص: 242 ] خوارزم شاه الآن ، مع عظم شأنه وقلة شأن
غياث الدين هذا ، لا يذكره إلا بمولانا السلطان مع ضعفه وعجزه وقلة بلاده .
وأما
ابن خرميل فإنه سار من
هراة في جمع من عسكر
خوارزم شاه ، فنزل على أسفزار في صفر ، وكان صاحبها قد توجه إلى
غياث الدين فحصرها وأرسل إلى من بها يقسم بالله لئن سلموها أن يؤمنهم ، وإن امتنعوا أقام عليهم إلى أن يأخذهم ، فإذا أخذهم قهرا لا يبقي على كبير ولا صغير ، فخافوا ، فسلموها في ربيع الأول ، فأمنهم ولم يتعرض إلى أهلها بسوء ، فلما أخذها أرسل إلى
حرب بن محمد - صاحب
سجستان - يدعوه إلى طاعة
خوارزم شاه والخطبة له ببلاده ، فأجابه إلى ذلك ، وكان
غياث الدين قد راسله قبل ذلك في الخطبة والدخول في طاعته ، فغالطه ولم يجبه إلى ما طلب .
ولما كان
خوارزم شاه على
هراة عاد إليها
القاضي صاعد بن الفضل الذي كان
ابن خرميل قد أخرجه من
هراة في العام الماضي ، وسار إلى
غياث الدين ، فعاد الآن من عنده ، فلما وصل قال
ابن خرميل لخوارزم شاه : إن هذا يميل إلى
الغورية ، ويريد دولتهم ، ووقع فيه ، فسجنه
خوارزم شاه بقلعة زوزن ، وولى القضاء
بهراة الصفي أبا بكر بن محمد السرخسي ، وكان ينوب عن
صاعد وابنه في القضاء
بهراة .