[ ص: 252 ] 604
ثم دخلت سنة أربع وستمائة
ذكر
ملك خوارزم شاه ما وراء النهر
وما كان بخراسان من الفتن وإصلاحها
في هذه السنة عبر
علاء الدين محمد بن خوارزم شاه نهر جيحون لقتال
الخطا .
وسبب ذلك أن
الخطا كانوا قد طالت أيامهم ببلاد
تركستان ،
وما وراء النهر ، وثقلت وطأتهم على أهلها ، ولهم في كل مدينة نائب يجبي إليهم الأموال ، وهم يسكنون الخركاهات على عادتهم قبل أن يملكوا ، وكان مقامهم بنواحي
أوزكند ،
وبلاساغون ،
وكاشغر ، وتلك النواحي ، فاتفق أن سلطان
سمرقند وبخارى ، ويلقب
خان خانان - يعني سلطان السلاطين - . وهو من أولاد الخانية ، عريق النسب في الإسلام والملك ، أنف وضجر من تحكم الكفار على المسلمين ، فأرسل إلى
خوارزم شاه يقول له : إن الله - عز وجل - قد أوجب عليك بما أعطاك من سعة الملك وكثرة الجنود أن تستنقذ المسلمين وبلادهم من أيدي الكفار ، وتخلصهم مما يجري عليهم من التحكم في الأموال والأبشار ، ونحن نتفق معك على محاربة الخطا ، ونحمل إليك ما نحمله إليهم ، ونذكر اسمك في الخطبة وعلى السكة ، فأجابه إلى ذلك ، وقال : أخاف أنكم لا تفون لي .
فسير إليه صاحب
سمرقند وجوه أهل
بخارى وسمرقند ، بعد أن حلفوا صاحبهم على الوفاء بما تضمنه ، وضمنوا عنه الصدق والثبات على ما بذل ، وجعلوا عنده رهائن ، فشرع في إصلاح أمر
خراسان ، وتقرير قواعدها ، فولى أخاه
عليا شاه في
طبرستان مضافة إلى
جرجان ، وأمره بالحفظ والاحتياط ، وولى الأمير كزلك
خان ، وهو من أقارب أمه وأعيان دولته ،
بنيسابور ، وجعل معه عسكرا ، وولى الأمير
جلدك مدينة
الخام ، وولى الأمير
أمين الدين أبا بكر مدينة
زوزن .
وكان
أمين الدين هذا حمالا ، ثم صار أكبر الأمراء ، وهو الذي ملك
كرمان -
[ ص: 253 ] على ما نذكره إن شاء الله تعالى - وأقر الأمير
الحسين على
هراة ، وجعل معه فيها ألف فارس من
الخوارزمية ، وصالح
غياث الدين محمودا على ما بيده من بلاد الغور ،
وكرمسير واستناب في
مرو وسرخس وغيرهما من
خراسان نوابا ، وأمرهم بحسن السياسة ، والحفظ ، والاحتياط ، وجمع عساكره جميعها ، وسار إلى
خوارزم ، وتجهز منها ، وعبر
جيحون ، واجتمع بسلطان
سمرقند ، وسمع
الخطا ، فحشدوا ، وجمعوا ، وجاءوا إليه فجرى بينهم وقعات كثيرة ومغاورات ، فتارة له وتارة عليه .