ذكر
ملك نجم الدين ابن الملك العادل خلاط
في هذه السنة ملك الملك الأوحد
نجم الدين أيوب ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب مدينة
خلاط .
وسبب ذلك أنه كان بمدينة
ميافارقين مع أبيه ، فلما كان من ملك
بلبان خلاط ما ذكرناه ، قصد هو
مدينة موش ، وحصرها وأخذها وأخذ معها ما يجاورها . وكان
بلبان لم تثبت قدمه حتى يمنعه ، فلما ملكها طمع في
خلاط فسار إليها فهزمه
بلبان كما ذكرناه أيضا .
فعاد إلى بلده ، وجمع وحشد ، وسير إليه أبوه جيشا ، فقصد
[ ص: 262 ] خلاط فسار إليه
بلبان فتصافا واقتتلا ، فانهزم
بلبان وتمكن
نجم الدين من البلد وازداد منها .
ودخل
بلبان خلاط واعتصم بها ، وأرسل رسولا إلى
مغيث الدين طغرل شاه بن قلج أرسلان ، وهو صاحب
أرزن الروم ، يستنجده على
نجم الدين ، فحضر بنفسه ومعه عسكره فاجتمعا ، وهزما
نجم الدين ، وحصرا
موش ، فأشرف الحصن على أن يملك ، فغدر
ابن قلج أرسلان بصاحب
خلاط وقتله ; طمعا في البلاد فلما قتله سار إلى خلاط . فمنعه أهلها عنها ، فسار إلى
ملازكرد ، فرده أهلها أيضا وامتنعوا عليه . فلما لم يجد في شيء من البلاد مطمعا عاد إلى بلده .
فأرسل أهل
خلاط إلى
نجم الدين يستدعونه إليهم ليملكوه ، فحضر عندهم وملك
خلاط وأعمالها سوى اليسير منها ، وكره الملوك المجاورون له ملكه لها ; خوفا من أبيه ، وكذلك أيضا خافه
الكرج وكرهوه ، فتابعوا الغارات على أعمال
خلاط وبلادها ،
ونجم الدين مقيم
بخلاط لا يقدر على مفارقتها ، فلقي المسلمون من ذلك أذى شديدا .
واعتزل جماعة من عسكر
خلاط ، واستولوا على حصن
وان ، وهو من أعظم الحصون وأمنعها ، وعصوا على
نجم الدين ، واجتمع إليهم جمع كثير ، وملكوا مدينة
أرجيش ، فأرسل
نجم الدين إلى أبيه الملك العادل يعرفه الحال ، ويطلب منه أن يمده بعسكر ، فسير إليه أخاه الملك الأشرف
موسى بن العادل في عسكر ، فاجتمعا في عسكر كثير وحصرا قلعة
وان وبها
الخلاطية ، وجدوا في قتالهم فضعف أولئك عن مقاومتهم فسلموها صلحا وخرجوا منها ، وتسلمها
نجم الدين ، واستقر ملكه
بخلاط وأعمالها ، وعاد أخوه الأشرف إلى بلده
حران والرها .