[ ص: 290 ] 612
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وستمائة
ذكر
قتل منكلي وولاية إيدغمش ما كان بيده من الممالك
في هذه السنة ، في جمادى الأولى ، انهزم
منكلي ، صاحب
همذان وأصفهان والري وما بينها من البلاد ، ومضى هاربا ، فقتل .
وسبب ذلك أنه كان قد ملك البلاد ، كما ذكرناه ، وقتل
إيدغمش ، فأرسل إليه من الديوان الخليفي رسول ينكر ذلك عليه ، وكان قد أوحش الأمير
أوزبك بن البهلوان ، صاحب
أذربيجان ، وهو صاحبه ومخدومه ، فأرسل الخليفة إليه يحرضه على
منكلي ويعده النصرة ، وأرسل أيضا إلى
جلال الدين الإسماعيلي ، صاحب قلاع
الإسماعيلية ببلاد العجم ، ألموت وغيرها ، يأمره بمساعدة أوزبك على قتال
منكلي ، واستقرت القواعد بينهم على أن يكون للخليفة بعض البلاد ، ولأوزبك بعضها ، ويعطى
جلال الدين بعضها ، فلما استقرت القواعد على ذلك جهز الخليفة عسكرا كثيرا ، وجعل مقدمهم مملوكه
مظفر الدين سنقر ، الملقب بوجه السبع ، وأرسل إلى مظفر الدين
كوكبري بن زين الدين علي كوجك ، وهو إذ ذاك صاحب
إربل وشهرزور وأعمالها ، يأمره أن يحضر بعساكره ، ويكون مقدم العساكر جميعها ، وإليه المرجع في الحرب .
فحضر ، وحضر معه عسكر
الموصل وديار الجزيرة ، وعسكر
حلب ، فاجتمعت عساكر كثيرة ، وساروا إلى
همذان ، فاجتمعت العساكر كلها فانزاح
منكلي من بين أيديهم وتعلق بالجبال ، وتبعوه ، فنزلوا بسفح جبل هو في أعلاه بالقرب من مدينة
كرج ، وضاقت الميرة والأقوات على العسكر الخليفي جميعه ومن معهم ، فلو أقام
منكلي بموضعه لم يمكنهم المقام عليه أكثر من عشرة أيام ، لكنه طمع فنزل ببعض
[ ص: 291 ] عسكره من الجبل مقابل الأمير أوزبك ، فحملوا عليه ، فلم يثبت أوزبك ، ومضى منهزما ، فعاد أصحاب
منكلي وصعدوا الجبل ، وعاد
أوزبك إلى خيامه ، فطمع
منكلي حينئذ ، ونزل من الغد في جميع عسكره ، واصطفت العساكر للحرب واقتتلوا أشد قتال يكون فانهزم
منكلي وصعد الجبل ، فلو أقام بمكانه لم يشر أحد على الصعود إليه وكان قصارهم العود عنه ، لكنه اتخذ الليل جملا ، وفارق موضعه ومضى منهزما ، فتبعه نفر يسير من عسكره ، وفارقه الباقون وتفرقوا أيدي سبا .
واستولى عسكر الخليفة
وأوزبك على البلاد ، فأعطى
جلال الدين ، ملك
الإسماعيلية ، من البلاد ما كان استقر له ، وأخذ الباقي
أوزبك فسلمه إلى
أغلمش مملوك أخيه ، وكان قد توجه إلى
خوارزم شاه علاء الدين محمد وبقي عنده ، ثم عاد عنه ، وشهد الحرب وأبلى فيها ، فولاه
أوزبك البلاد ، وعاد كل طائفة من العسكر إلى بلادهم .
وأما
منكلي فإنه مضى منهزما إلى مدينة
ساوة ، وبها شحنة هو صديق له ، فأرسل إليه يستأذنه في الدخول إلى البلد ، فأذن له ، وخرج إليه فلقيه وقبل الأرض بين يديه ، وأدخله البلد ، وأنزله في داره ، ثم أخذ سلاحه ، وأراد أن يقيده ويرسله إلى
أغلمش ، فسأله أن يقتله هو ولا يرسله ، فقتله ، وأرسل رأسه إلى أوزبك ، وأرسله
أوزبك إلى
بغداد ، وكان يوم دخولها يوما مشهودا إلا أنه لم تتم المسرة للخليفة بذلك ، فإنه وصل ومات ولده في تلك الحال ، فأعيد ودفن .