ذكر
ملك غياث الدين بلاد فارس
قد ذكرنا أن
غياث الدين بن خوارزم شاه محمد كان
بالري ، وله معها
أصفهان وهمذان وما بينهما من البلاد ، وله أيضا بلاد
كرمان ، فلما هلك أبوه ، كما ذكرناه ، وصل
التتر إلى بلاده ، وامتنع
بأصفهان ، وحصره
التتر فيها ، فلم يقدروا عليها ، فلما فارق
التتر بلاده ، وساروا إلى بلاد
قفجاق ، عاد ملك البلاد وعمر ما أمكنه منها ، وأقام بها إلى أواخر سنة عشرين وستمائة ، وجرى له ما ذكرناه .
ففي آخر سنة عشرين وستمائة سار إلى بلاد
فارس فلم يشعر صاحبها ، وهو
أتابك سعد بن دكلا ، إلا وقد وصل
غياث الدين إلى أطراف بلاده ، فلم يتمكن من الامتناع ، فقصد
قلعة إصطخر فاحتمى بها ، وسار
غياث الدين إلى
مدينة شيراز ، وهي كرسي مملكة
فارس وأكبرها وأعظمها ، فملكها بغير تعب أول سنة إحدى وعشرين وستمائة ، وبقي
غياث الدين بها ، واستولى على أكثر البلاد ، ولم يبق بيد
سعد إلا الحصون المنيعة .
فلما طال الأمر على
سعد صالح
غياث الدين على أن يكون
لسعد من البلاد قسم اتفقوا عليه ،
ولغياث الباقي ، وأقام
غياث الدين بشيراز ، وازداد إقامة وعزما على ذلك لما سمع أن
التتر قد عادوا إلى
الري والبلاد التي له وخربوها .