ذكر
عود جلال الدين إلى تبريز ، وملكه مدينة كنجة ، ونكاحه زوجة أوزبك .
لما فرغ
جلال الدين من هزيمة
الكرج ، ودخل البلاد وبث العساكر فيها ، أمرهم بالمقام بها مع أخيه
غياث الدين ، وعاد إلى
تبريز .
وسبب عوده أنه كان قد خلف وزيره
شرف الملك في
تبريز ليحفظ البلد ، وينظر في مصالح الرعية ، فبلغه عن رئيس
تبريز وشمس الدين الطغرائي ، وهو المقدم على كل من في البلد ، وعن غيرهما من المقدمين ، أنهم قد اجتمعوا ، وتحالفوا على الامتناع على
جلال الدين ، وإعادة البلد إلى
أوزبك ، وقالوا : إن
جلال الدين قد قصد بلاد
الكرج ، فإذا عصينا عليه وأحضرنا
أوزبك ومن معه من العساكر ، يضطر
جلال الدين إلى العود ، فإذا عاد تبعه
الكرج ، فلا يقدر على المقام ، ويجتمع
أوزبك والكرج ويقصدونه ، فينحل نظام أمره ، وتتم عليه الهزيمة .
فبنوا أمرهم على أن
جلال الدين يسير الهوينا إلى بلاد
الكرج ، ويتريث في الطريق احتياطا منهم ، فلما اتفقوا على ذلك ، أتى الخبر إلى الوزير ، فأرسل إلى
جلال الدين يعرفه الحال ، فأتاه الخبر وقد قارب بلاد
الكرج ، فلم يظهر من ذلك شيئا ، وسار نحو
الكرج مجدا ، فلقيهم وهزمهم ، فلما فرغ منهم ، قال لأمراء عسكره : إنني قد بلغني من الخبر كذا وكذا ، فتقيمون أنتم في البلاد على ما أنتم عليه من قتل من ظفرتم به ، وتخريب ما أمكنكم من بلادهم ، فإنني خفت أن أعرفكم قبل هزيمة
الكرج ; لئلا يلحقكم وهن وخوف .
[ ص: 398 ] فأقاموا على حالهم ، وعاد هو إلى
تبريز ، وقبض على الرئيس والطغرائي وغيرهما ، فأما الرئيس فأمر أن يطاف به على أهل البلد ، وكل من له عليه مظلمة فليأخذها منه ، وكان ظالما ، ففرح الناس بذلك ، ثم قتله ، وأما الباقون فحبسوا ، فلما فرغ منهم واستقام له أمر البلد ، تزوج زوجة
أوزبك ابنة
السلطان طغرل ، وإنما صح له نكاحها ; لأنه ثبت عن
أوزبك أنه حلف بطلاقها أنه لا يقتل مملوكا له اسمه ( . . . . . ) ثم قتله ، فلما وقع الطلاق بهذه اليمين ، نكحها
جلال الدين ، وأقام
بتبريز مدة ، وسير منها جيشا إلى مدينة
كنجة فملكوها ، وفارقها
أوزبك إلى قلعة
كنجة فتحصن فيها .
فبلغني أن عساكر
جلال الدين تعرضوا لأعمال هذه القلعة بالنهب والأخذ ، فأرسل
أوزبك إلى
جلال الدين يشكو ، ويقول : كنت لا أرضى بهذه الحال لبعض أصحابي ، فأنا أسأل أن تكف الأيدي المتطرقة إلى هذه الأعمال عنها . فأرسل
جلال الدين إليها من يحميها من التعرض لها من أصحابه وغيرهم .