ذكر
إيقاع جلال الدين بالتركمان الإيوانية .
كان
التركمان الإيوانية قد تغلبوا على مدينة
أسنة وأرمية ، من نواحي
أذربيجان ، وأخذوا الخراج من أهل
خوي ليكفوا عنهم ، واغتروا باشتغال
جلال الدين بالكرج ، وبعدهم
بخلاط ، وازداد طمعهم ، وانبسطوا
بأذربيجان ينهبون ويقطعون الطريق ، والأخبار تأتي إلى
خوارزم شاه جلال الدين بن خوارزم شاه ، وهو يتغافل عنهم لاشتغاله بما هو المهم ضده ، وبلغ من طمعهم أنهم قطعوا الطريق بالقرب من
تبريز ، وأخذوا من تجار أهلها شيئا كثيرا ، ومن جملة ذلك أنهم اشتروا غنما من
أرزن الروم وقصدوا بها
تبريز ، فلقيهم
الإيوانية قبل وصولهم إلى
تبريز ، فأخذوا جميع ما معهم ، ومن جملته عشرون ألف رأس غنم .
فلما اشتد ذلك على الناس وعظم الشر ، أرسلت زوجة
جلال الدين ابنة السلطان
طغرل ونوابه في البلاد إليه يستغيثون ، ويعرفونه أن البلاد قد خربها
الإيوانية ، ولئن لم يلحقها ، وإلا هلكت بالمرة .
فاتفق هذا إلى خوف الثلج ، فرحل عن
خلاط ، وجد السير إلى
الإيوانية ، وهم آمنون مطمئنون ، لعلمهم أن
خوارزم شاه على
خلاط ، وظنوا أنه لا يفارقها ، فلولا هذا الاعتقاد لصعدوا إلى جبال لهم منيعة شاهقة لا يرتقى إليها إلا بمشقة وعناء ، فإنهم كانوا إذا خافوا ، صعدوا إليها وامتنعوا بها ، فلم يرعهم إلا والعساكر الجلالية قد أحاطت بهم ، وأخذهم السيف من كل جانب ، فأكثروا القتل فيهم ، والنهب والسبي ، واسترقوا الحريم والأولاد ، وأخذوا من عندهم ما لا يدخل تحت الحصر ، فرأوا كثيرا من الأمتعة التي أخذوها من التجار بحالها في الشذوات ، هذا سوى ما كانوا قد حلوه وفصلوه ، فلما فرغ عاد إلى
تبريز .