ذكر عدة حوادث .
في هذه السنة دام الغلاء في ديار الجزيرة ، ودامت الأسعار تزيد قليلا وتنقص قليلا ، وانقطع المطر جميع شباط وعشرة أيام من آذار ، فازداد الغلاء ، فبلغت الحنطة كل مكوكين بدينار وقيراطين
بالموصل ، والشعير كل ثلاثة مكاكيك بالموصلي بدينار وقراطين أيضا ، وكل شيء بهذه السنة في الغلاء . وفيها في الربيع ، قل لحم الغنم
بالموصل ، وغلا سعره ، حتى بيع كل رطل لحم بالبغدادي بحبتين بالصنجة ، وربما زاد في بعض الأيام على هذا الثمن .
وحكى لي من يتولى بيع الغنم
بالموصل أنهم باعوا يوما خروفا واحدا لا غير ، وفي بعضها خمسة أرؤس ، وفي بعضها ستة ، وأقل وأكثر ، وهذا ما لم يسمع بمثله ، ولا رأيناه في جميع أعمارنا ، ولا حكي لنا مثله ; لأن الربيع مظنة رخص اللحم بها ; لأن
التركمان والأكراد والكيلكان ينتقلون من الأمكنة التي شتوا بها إلى الزوزان فيبيعون الغنم رخيصا .
وكان اللحم كل سنة في هذا الفصل كل ستة أرطال وسبعة بقيراط ، صار هذه السنة الرطل بحبتين .
وفيها عاشر آذار ، وهو العشرون من ربيع الأول ، سقط الثلج
بالموصل مرتين ، وهذا غريب جدا لم يسمع بمثله ، فأهلك الأزهار التي خرجت كزهر اللوز ، والمشمش ، والإجاص ، والسفرجل وغيرها ، ووصلت الأخبار من
العراق جميعه مثل ذلك ، فهلكت به أزهارها والثمار ، وهذا أعجب من حال ديار
الجزيرة والشام ، فإنه أشد حرا من جميعها .
[ ص: 427 ] وفيها ظفر جمع من
التركمان ، كانوا بأطراف أعمال
حلب ، بفارس مشهور من الفرنج الداوية
بأنطاكية فقتلوه ، فعلم الداوية بذلك فساروا وكبسوا
التركمان ، فقتلوا منهم وأسروا ، وغنموا من أموالهم ، فبلغ إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16188أتابك شهاب الدين المتولي لأمور
حلب ، فراسل الفرنج ، وتهددهم بقصد بلادهم ، واتفق أن عسكر
حلب قتلوا فارسين كبيرين من الداوية أيضا ، فأذعنوا بالصلح ، وردوا إلى
التركمان كثيرا من أموالهم وحريمهم وأسراهم .
وفيها في رجب ، اجتمع طائفة كثيرة من ديار
بكر ، وأرادوا الإغارة على
جزيرة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وكان صاحب
الجزيرة قد قتل ، فلما قصدوا بلد
الجزيرة ، اجتمع أهل قرية كبيرة من بلد
الجزيرة اسمها
سلكون ، ولقوهم من ضحوة النهار إلى العصر ، وطال القتال بينهم ، ثم حمل أهل القرية على
الأكراد فهزموهم وقتلوا فيهم ، وخرجوا ونهبوا ما معهم وعادوا سالمين .