[ ص: 429 ] ذكر
الحرب بين جلال الدين والتتر .
في هذه السنة عاود
التتر الخروج إلى الري ، وجرى بينهم وبين
جلال الدين حروب كثيرة ، اختلف الناس علينا في عددها ، كان أكثرها عليه ، وفي الأخير كان الظفر له .
وكانت أول حرب بينهم عجائب غريبة ، وكان هؤلاء
التتر قد سخط ملكهم
nindex.php?page=showalam&ids=15657جنكزخان على مقدمهم ، وأبعده عنه ، وأخرجه من بلاده ، فقصد
خراسان ، فرآها خرابا ، فقصد الري ليتغلب على تلك النواحي والبلاد ، فلقيه بها
جلال الدين ، فاقتتلوا أشد قتال ، ثم انهزم
جلال الدين وعاد ثم انهزم ، وقصد
أصفهان ، وأقام بينها وبين الري ، وجمع عساكره ومن في طاعته ، فكان فيمن أتاه صاحب بلاد
فارس ، وهو
ابن أتابك سعد ملك بعد وفاة أبيه ، كما ذكرناه ، وعاد
جلال الدين إلى
التتر فلقيهم .
فبينما هم مصطفون كل طائفة مقابل الأخرى ، انعزل
غياث الدين أخو
جلال الدين فيمن وافقه من الأمراء على مفارقة
جلال الدين ، واعتزلوا وقصدوا جهة
ساروا إليها ، فلما رآهم
التتر قد فارقوا العسكر ، ظنوهم يريدون أن يأتوهم من وراء ظهورهم ويقاتلوهم من جهتين ، فانهزم
التتر لهذا الظن ، وتبعهم صاحب بلاد فارس . وأما
جلال الدين فإنه لما رأى مفارقة أخيه إياه ومن معه من الأمراء ، ظن أن
التتر قد رجعوا خديعة ليستدرجوه ، فعاد منهزما ، ولم يجسر [ أن ] يدخل
أصفهان لئلا يحصره
التتر ، فمضى إلى
سميرم .
وأما صاحب
فارس فلما أبعد في أثر
التتر ، ولم ير
جلال الدين ولا عسكره معه ، خاف
التتر فعاد عنهم .
وأما
التتر فلما لم يروا في آثارهم أحدا يطلبهم ، وقفوا ، ثم عادوا إلى
أصفهان ، فلم يجدوا في طريقهم من يمنعهم ، فوصلوا إلى
أصفهان فحصروها ، وأهلها يظنون أن
جلال الدين قد عدم ، فبينما هم كذلك
والتتر يحصرونهم إذ وصل قاصد من
جلال الدين إليهم يعرفهم سلامته ، ويقول : إني أدور حتى يجتمع إلي من سلم من العسكر وأقصدكم ، ونتفق أنا وأنتم على إزعاج
التتر وترحيلهم عنكم . فأرسلوا إليه يستدعونه إليهم ، ويعدونه النصرة والخروج معه إلى عدوه ، وفيهم شجاعة عظيمة ، فسار إليهم ، واجتمع بهم ، وخرج أهل
أصفهان معه ، فقاتلوا
التتر ، فانهزم
التتر أقبح هزيمة ، وتبعهم
جلال الدين إلى الري يقتل ويأسر ، فلما أبعدوا عن
[ ص: 430 ] الري أقام بها ، وأرسل إليه
ابن جنكزخان يقول : إن هؤلاء ليسوا من أصحابنا ، إنما نحن أبعدناهم عنا ، فلما أمن جانب
nindex.php?page=showalam&ids=15657جنكزخان ، أمن وعاد إلى
أذربيجان .