ذكر
خروج الملك الكامل .
في هذه السنة في شوال ، سار
الملك الكامل محمد ابن الملك العادل صاحب
مصر إلى
الشام ، فوصل إلى
البيت المقدس ، حرسه الله تعالى ، وجعله دار الإسلام أبدا ، ثم سار عنه ، وتولى بمدينة
نابلس ، وشحن على تلك البلاد جميعها ، وكانت من أعمال
دمشق ، فلما سمع صاحبها ، وهو ابن
الملك المعظم ، خاف أن يقصده ويأخذ
دمشق منه ، فأرسل إلى عمه
nindex.php?page=showalam&ids=13710الملك الأشرف يستنجده ، ويطلبه ليحضر عنده
بدمشق ، فسار إليه جريدة ، فدخل
دمشق .
فلما سمع
الكامل بذلك لم يتقدم لعلمه أن البلد منيع ، وقد صار به من يمنعه
[ ص: 432 ] ويحميه ، وأرسل إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13710الملك الأشرف يستعطفه ، ويعرفه أنه ما جاء إلى
دمشق إلا طاعة له ، وموافقة لأغراضه ، والاتفاق معه على منع
الفرنج عن البلاد ، فأعاد
الكامل الجواب يقول : إنني ما جئت إلى هذه البلاد إلا بسبب
الفرنج ، فإنهم لم يكن في البلاد من يمنعهم عما يريدونه ، وقد عمروا
صيدا ، وبعض قيسارية ، ولم يمنعوا ، وأنت تعلم أن عمنا السلطان
صلاح الدين فتح
البيت المقدس ، فصار لنا بذلك الذكر الجميل على تقضي الأعصار وممر الأيام ، فإن أخذه
الفرنج ، حصل لنا من سوء الذكر وقبح الأحدوثة ما يناقض ذلك الذكر الجميل الذي ادخره عمنا ، وأي وجه يبقى لنا عند الناس وعند الله تعالى ؟ .
ثم إنهم ما يقنعون حينئذ بما أخذوه ، ويتعدون إلى غيره ، وحيث قد حضرت أنت فأنا أعود إلى
مصر ، واحفظ أنت البلاد ، ولست بالذي يقال عني إني قاتلت أخي ، وحصرته ، حاشا لله تعالى .
وتأخر عن
نابلس نحو الديار
المصرية ، ونزل تل العجول ، فخاف
الأشرف والناس قاطبة
بالشام ، وعلموا أنه إن عاد ، استولى
الفرنج على
البيت المقدس وغيره مما يجاوره ، لا مانع دونه ، فترددت الرسل ، وسار
الأشرف بنفسه إلى
الكامل أخيه ، فحضر عنده ، وكان وصوله ليلة عيد الأضحى ، ومنعه من العود إلى
مصر ، فأقاما بمكانهما .