[ ص: 434 ] 626
ثم دخلت سنة ست وعشرين وستمائة
ذكر
تسليم البيت المقدس إلى الفرنج .
في هذه السنة أول ربيع الآخر ، تسلم
الفرنج - لعنهم الله -
البيت المقدس صلحا ، أعاده الله إلى الإسلام سريعا .
وسبب ذلك ما ذكرناه سنة خمس وعشرين وستمائة من خروج
الأنبرور ، ملك
الفرنج في البحر من داخل بلاد
الفرنج إلى ساحل
الشام ، وكانت عساكره قد سبقته ، ونزلوا بالساحل ، وأفسدوا فيما يجاورهم من بلاد المسلمين ، ومضى إليهم ، وهم بمدينة
صور ، طائفة من المسلمين يسكنون الجبال المجاورة لمدينة
صور وأطاعوهم ، وصاروا معهم ، وقوي طمع
الفرنج بموت
الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب ، صاحب
دمشق .
ولما وصل
الأنبرور إلى الساحل ، نزل بمدينة
عكا ، وكان
الملك الكامل - رحمه الله تعالى - ابن الملك العادل صاحب
مصر ، قد خرج من الديار
المصرية يريد
الشام بعد وفاة أخيه المعظم ، وهو نازل بتل العجول ، يريد أن يملك
دمشق من
الناصر داود ابن أخيه المعظم ، وهو صاحبها يومئذ ، وكان
داود لما سمع بقصد عمه
الملك الكامل له ، قد أرسل إلى عمه
nindex.php?page=showalam&ids=13710الملك الأشرف صاحب البلاد
الجزرية ، يستنجده ، ويطلب منه المساعدة على دفع عمه عنه ، فسار إلى
دمشق ، وترددت الرسل بينه وبين أخيه
الملك الكامل في الصلح ، فاصطلحا واتفقا ، وسار
nindex.php?page=showalam&ids=13710الملك الأشرف إلى
الملك الكامل واجتمع به .
فلما اجتمعا ، ترددت الرسل بينهما وبين
الأنبرور ملك
الفرنج دفعات كثيرة ، فاستقرت القاعدة على أن يسلموا إليه
البيت المقدس ومعه مواضع يسيرة من بلاده ، ويكون باقي البلاد مثل
الخليل ،
ونابلس ،
والغور ،
وملطية ، وغير ذلك بيد المسلمين
[ ص: 435 ] ولا يسلم إلى
الفرنج إلا
البيت المقدس والمواضع التي استقرت معه .
وكان سور
البيت المقدس خرابا [ قد ] خربه
الملك المعظم ، وقد [ ذكرنا ] ذلك ، وتسلم
الفرنج البيت المقدس ، واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه ، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه ، يسر الله فتحه وعوده إلى المسلمين بمنه وكرمه ، آمين .