[ ص: 273 ] ذكر
خبر المثنى بن حارثة وأبي عبيد بن مسعود
قد ذكرنا قدوم
المثنى بن حارثة الشيباني من
العراق على
أبي بكر ، ووصية
أبي بكر عمر بالمبادرة إلى إرسال الجيوش معه ، فلما أصبح
عمر من الليلة التي مات فيها
أبو بكر أول ما عمل أن ندب الناس مع
المثنى بن حارثة الشيباني إلى أهل
فارس ، ثم بايع الناس ، ثم ندب الناس وهو يبايعهم ، ثلاثا ، ولا ينتدب أحد إلى
فارس ، وكانوا أثقل الوجوه على المسلمين ، وأكرههم إليهم لشدة سلطانهم وشوكتهم وقهرهم الأمم ، فلما كان اليوم الرابع ندب الناس إلى
العراق ، فكان أول منتدب
أبو عبيد بن مسعود الثقفي ، وهو والد
المختار ،
وسعد بن عبيد الأنصاري ،
وسليط بن قيس ، وهو ممن شهد بدرا ، وتتابع الناس .
وتكلم
المثنى بن حارثة فقال : أيها الناس ، لا يعظمن عليكم هذا الوجه ، فإنا قد فتحنا ريف
فارس ، وغلبناهم على خير شقي السواد ، ونلنا منهم ، واجترأنا عليهم ، ولنا إن شاء الله ما بعدها . فاجتمع الناس ، فقيل
لعمر : أمر عليهم رجلا من السابقين من
المهاجرين أو
الأنصار . قال : لا والله لا أفعل ، إنما رفعهم الله - تعالى - بسبقهم ومسارعتهم إلى العدو ، فإذا فعل فعلهم قوم وتثاقلوا كان الذين ينفرون خفافا وثقالا ويسبقون إلى الرفع أولى بالرئاسة منهم ، والله لا أؤمر عليهم إلا أولهم انتدابا ، ثم دعا
أبا عبيد ،
وسعدا وسليطا ، وقال لهما : لو سبقتماه لوليتكما ، ولأدركتما بها إلى ما لكما من السابقة . فأمر
أبا عبيد وقال له : اسمع من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشركهم في الأمر ، ولم يمنعني أن أؤمر
سليطا إلا سرعته إلى الحرب ، وفي التسرع إلى الحرب ضياع الأعراب ، فإنه لا يصلحها إلا الرجل المكيث . وأوصاه بجنده . فكان بعث
أبي عبيد أول جيش سيره
عمر ، ثم بعده سير
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن منية إلى
اليمن ، وأمره بإجلاء أهل
نجران بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن لا يجتمع بجزيرة العرب دينان .