[ ص: 322 ] ذكر
فتح حمص وبعلبك وغيرهما
فلما فرغ
أبو عبيدة من
دمشق سار إلى
حمص ، فسلك طريق
بعلبك فحصرها ، فطلب أهلها الأمان فآمنهم وصالحهم ، وسار عنهم فنزل على
حمص ومعه
خالد
وقيل : إنما سار المسلمون إلى
حمص من
مرج الروم ، وقد تقدم ذكره . فلما نزلوها قاتلوا أهلها فكانوا يغادونهم القتال ويراوحونهم في كل يوم بارد ، ولقي المسلمون بردا شديدا ، والروم حصارا طويلا ، فصبر المسلمون والروم ، وكان
هرقل قد أرسل إلى أهل
حمص يعدهم المدد ، وأمر أهل
الجزيرة جميعها بالتجهيز إلى
حمص فساروا نحو
الشام ليمنعوا
حمص عن المسلمين . فسير
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص السرايا من
العراق إلى
هيت وحصروها ، وسار بعضهم إلى
قرقيسيا ، فتفرق أهل
الجزيرة وعادوا عن نجدة أهل
حمص ، فكان أهلها يقولون : تمسكوا بمدينتكم فإنهم حفاة ، فإذا أصابهم البرد تقطعت أقدامهم . فكانت أقدام الروم تسقط ولا يسقط للمسلمين إصبع .
فلما خرج الشتاء قام شيخ من الروم فدعاهم إلى مصالحة المسلمين فلم يجيبوه ، وقام آخر فلم يجيبوه ، فناهدهم المسلمون فكبروا تكبيرة ، فانهدم كثير من دور
حمص ، وزلزلت حيطانهم فتصدعت ، فكبروا ثانية فأصابهم أعظم من ذلك ، فخرج أهلها إليهم يطلبون الصلح ، ولا يعلم المسلمون بما حدث فيهم ، فأجابوهم وصالحوهم على صلح
دمشق ، وأنزلها
أبو عبيدة السمط بن الأسود الكندي في
بني معاوية ،
والأشعث بن ميناس في السكون ،
والمقداد في
بلي ، وأنزلها غيرهم ، وبعث بالأخماس إلى
عمر مع
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، وكتب
عمر إلى
أبي عبيدة : أن أقم بمدينتك وارع أهل القوة من عرب
الشام ، فإني غير تارك البعثة إليك .
ثم استخلف
أبو عبيدة على
حمص nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، وسار إلى حماة ، فتلقاه أهلها مذعنين ، فصالحهم
أبو عبيدة على الجزية لرءوسهم والخراج على أرضهم ،
[ ص: 323 ] ومضى نحو
شيزر ، فخرجوا إليه يسألون الصلح على ما صالح عليه أهل
حماة ، وسار
أبو عبيدة إلى معرة
حمص ، وهي معرة
النعمان ، نسبت بعد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير الأنصاري ، فأذعنوا له بالصلح على ما صالح عليه أهل
حمص .
ثم أتى اللاذقية فقاتله أهلها ، وكان لها باب عظيم يفتحه جمع من الناس ، فعسكر المسلمون على بعد منها ، ثم أمر فحفر حفائر عظيمة ، تستر الحفرة منها الفارس راكبا ، ثم أظهروا أنهم عائدون عنها ورحلوا ، فلما جنهم الليل عادوا واستتروا في تلك الحفائر ، وأصبح أهل
اللاذقية وهم يرون أن المسلمين قد انصرفوا عنهم ، فأخرجوا سرحهم وانتشروا بظاهر البلد ، فلم يرعهم إلا والمسلمون يصيحون بهم ، ودخلوا معهم المدينة وملكت عنوة ، وهرب قوم من النصارى ، ثم طلبوا الأمان على أن يرجعوا إلى أرضهم ، فقوطعوا على خراج يؤدونه قلوا أو كثروا ، وتركت لهم كنيستهم ، وبنى المسلمون بها مسجدا جامعا ، بناه
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، ثم وسع فيه بعد .
ولما فتح المسلمون
اللاذقية جلا أهل جبلة من الروم عنها ، فلما كان زمن
معاوية بنى حصنا خارج الحصن الرومي وشحنه بالرجال .
وفتح المسلمون مع
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت أنطرطوس ، وكان حصينا ، فجلا عنه أهله ، فبنى
معاوية مدينة
أنطرطوس ، ومصرها ، وأقطع بها القطائع للمقاتلة ، وكذلك فعل
ببانياس
وفتحت سلمية أيضا ، وقيل : إنما سميت سلمية لأنه كان بقربها مدينة تدعى
المؤتفكة انقلبت بأهلها ولم يسلم منهم غير مائة نفس ، فبنوا لهم مائة منزل ، وسميت سلم مائة ، ثم حرف الناس فقالوا : سلمية ، وهذا يتمشى لقائله لو كان أهلها عربا ولسانهم عربيا ، وأما إذ كان لسانهم أعجميا فلا يسوغ هذا القول . ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=16213صالح بن علي بن عبد الله بن عباس اتخذها دارا وبنى [ و ] ولده فيها ومصروها ، ونزلها من نزلها من ولده ، فهي وأرضوها لهم .