ذكر
فتح حلب وأنطاكية وغيرها من العواصم
لما فرغ
أبو عبيدة من
قنسرين سار إلى
حلب ، فبلغه أن أهل
قنسرين نقضوا وغدروا ، فوجه إليهم
السمط الكندي فحصرهم وفتحها ، وأصاب فيها بقرا وغنما ، فقسم بعضه في جيشه ، وجعل بقيته في المغنم . ووصل
أبو عبيدة إلى حاضر
حلب وهو قريب منها فجمع أصنافا من العرب ، فصالحهم
أبو عبيدة على الجزية ، ثم أسلموا بعد ذلك ، وأتى
حلب وعلى مقدمته
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم الفهري ، فتحصن أهلها وحصرهم المسلمون ، فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم ومدينتهم وكنائسهم وحصنهم ، فأعطوا ذلك ، واستثني عليهم موضع المسجد ، وكان الذي صالحهم
عياض ، فأجاز
أبو عبيدة ذلك .
وقيل : صولحوا على أن يقاسموا منازلهم وكنائسهم .
وقيل : إن
أبا عبيدة لم يصادف
بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى
أنطاكية وراسلوا في الصلح ، فلما تم ذلك رجعوا إليها .
وسار
أبو عبيدة من
حلب إلى
أنطاكية ، وقد تحصن بها كثير من الخلق من
قنسرين وغيرها . فلما فارقها لقيه جمع العدو ، فهزمهم فألجأهم إلى المدينة وحاصرها من جميع نواحيها ، ثم إنهم صالحوهم على الجلاء أو الجزية ، فجلا بعض وأقام بعض فآمنهم ، ثم نقضوا ، فوجه
أبو عبيدة إليهم
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم nindex.php?page=showalam&ids=200وحبيب بن مسلمة ، ففتحاها على الصلح الأول .
وكانت
أنطاكية عظيمة الذكر عند المسلمين ، فلما فتحت كتب
عمر إلى
أبي عبيدة أن رتب
بأنطاكية جماعة من المسلمين واجعلهم بها مرابطة ، ولا تحبس عنهم العطاء .
وبلغ
أبا عبيدة أن جمعا من الروم بين
معرة مصرين
وحلب ، فسار إليهم فلقيهم
[ ص: 326 ] فهزمهم وقتل عدة بطارقة ، وسبى وغنم ، وفتح
معرة مصرين على مثل صلح
حلب ، وجالت خيوله فبلغت بوقا ، وفتحت قرى
الجومة وسرمين وتيزين ، وغلبوا على جميع أرض
قنسرين وأنطاكية .
ثم أتى
أبو عبيدة حلب وقد التاث أهلها ، فلم يزل بهم حتى أذعنوا وفتحوا المدينة .
وسار
أبو عبيدة يريد
قورس وعلى مقدمته
عياض ، فلقيه راهب من رهبانها يسأله الصلح ، فبعث به إلى
أبي عبيدة فصالحه على صلح
أنطاكية ، وبث خيله فغلب على جميع أرض
قورس وفتح
تل عزاز ، وكان
سلمان بن ربيعة الباهلي في جيش
أبي عبيدة ، فنزل في حصن
بقورس ، فنسب إليه ، فهو يعرف
بحصن سلمان .
ثم سار
أبو عبيدة إلى
منبج وعلى مقدمته
عياض ، فلحقه وقد صالح أهلها على مثل صلح
أنطاكية ، وسير
عياضا إلى ناحية
دلوك ورعبان فصالحه أهلها على مثل صلح
منبج ، واشترط عليهم أن يخبروا المسلمين بخبر الروم . وولى
أبو عبيدة كل كورة فتحها عاملا ، وضم إليه جماعة ، وشحن النواحي المخوفة .
وسار إلى
بالس ، وبعث جيشا مع
nindex.php?page=showalam&ids=200حبيب بن مسلمة إلى قاصرين ، فصالحهم أهلها على الجزية أو الجلاء ، فجلا أكثرهم إلى بلد الروم وأرض الجزيرة وقرية
جسر منبج ، ولم يكن الجسر يومئذ ، وإنما اتخذ في خلافة
عثمان للصوائف ، وقيل : بل كان له رسم قديم .
واستولى المسلمون على
الشام من هذه الناحية إلى
الفرات ، وعاد
أبو عبيدة إلى
فلسطين .
وكان
بجبل اللكام مدينة يقال لها
جرجومة ، وأهلها يقال لهم
الجراجمة ، فسار
nindex.php?page=showalam&ids=200حبيب بن مسلمة إليها من
أنطاكية ، فافتتحها صلحا ، على أن يكونوا أعوانا للمسلمين .
[ ص: 327 ] وفيها سير
nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة بن الجراح جيشا مع
ميسرة بن مسروق العبسي ، فسلكوا درب
بغراس من أعمال
أنطاكية إلى بلاد الروم ، وهو أول من سلك ذلك الدرب ، فلقي جمعا للروم معهم عرب من
غسان وتنوخ وإياد يريدون اللحاق
بهرقل ، فأوقع منهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم لحق به
nindex.php?page=showalam&ids=13707مالك الأشتر النخعي مددا من قبل
أبي عبيدة وهو
بأنطاكية ، فسلموا وعادوا . وسير جيشا آخر إلى
مرعش مع
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، ففتحها على إجلاء أهلها بالأمان وأخربها . وسير جيشا آخر مع
nindex.php?page=showalam&ids=200حبيب بن مسلمة إلى
حصن الحدث ، وإنما سمي الحدث لأن المسلمين لقوا عليه غلاما حدثا فقاتلهم في أصحابه ، فقيل درب الحدث ، وقيل : لأن المسلمين أصيبوا به فقيل درب الحدث ، وكان بنو أمية يسمونه درب السلامة لهذا المعنى .