ذكر الخبر عن
فتح الأهواز ومناذر ونهر تيرى
وفي هذه السنة فتحت
الأهواز ومناذر ونهر تيرى ، وقيل : كانت ست عشرة .
وكان السبب في هذا الفتح أنه لما انهزم
الهرمزان يوم
القادسية ، وهو أحد البيوتات السبعة في أهل
فارس ، وكانت أمته منهم
مهرجانقذق وكور الأهواز ، فلما انهزم قصد
خوزستان فملكها وقاتل بها من أرادهم ، فكان
الهرمزان يغير على أهل
ميسان ودستميسان من
مناذر ونهر تيرى . فاستمد
nindex.php?page=showalam&ids=364عتبة بن غزوان سعدا فأمده
بنعيم بن مقرن ونعيم بن مسعود ، وأمرهما أن يأتيا أعلى
ميسان ودستميسان حتى يكونا بينهم وبين
نهر تيرى ، ووجه
nindex.php?page=showalam&ids=364عتبة بن غزوان سلمى بن القين وحرملة بن مريطة ، وكانا من
المهاجرين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهما من
بني العدوية من
بني حنظلة ، فنزلا على حدود
ميسان ودستميسان بينهم وبين
مناذر ، ودعوا بني العم ، فخرج إليهم
غالب الوائلي وكليب بن وائل الكليبي ،
[ ص: 365 ] فتركا
نعيما ونعيما وأتيا
سلمى وحرملة وقالا : أنتما من العشيرة وليس لكما منزل ، فإذا كان يوم كذا وكذا فانهدا
للهرمزان ، فإن أحدنا يثور
بمناذر ، والآخر
بنهر تيرى ، فنقتل المقاتلة ، ثم يكون وجهنا إليكم ، فليس دون
الهرمزان شيء إن شاء الله . ورجعا وقد استجابا ، واستجاب قومهما
بنو العم بن مالك ، وكانوا ينزلون
خوزستان قبل الإسلام ، فأهل البلاد يأمنونهم . فلما كان تلك الليلة ليلة الموعد بين
سلمى وحرملة وغالب وكليب ، وكان
الهرمزان يومئذ بين
نهر تيرى وبين
دلث ، وخرج
سلمى وحرملة صبيحتهما في تعبئة وأنهضا
نعيما ومن معه ، فالتقوا هم
والهرمزان بين
دلث ونهر تيرى ،
وسلمى بن القين على أهل
البصرة ،
ونعيم بن مقرن على أهل
الكوفة ، فاقتتلوا .
فبينا هم على ذلك أقبل مدد من قبل
غالب وكليب ، وأتى
الهرمزان الخبر بأن
مناذر نهر تيرى قد أخذوا ، فكسر ذلك قلب
الهرمزان ومن معه ، وهزمه الله وإياهم ، فقتل المسلمون منهم ما شاءوا وأصابوا ما شاءوا ، واتبعوهم حتى وقفوا على
شاطئ دجيل ، وأخذوا ما دونه وعسكروا بحيال
سوق الأهواز ، وعبر
الهرمزان جسر
سوق الأهواز وأقام ، وصار
دجيل بين
الهرمزان والمسلمين . فلما رأى
الهرمزان ما لا طاقة له به طلب الصلح ، فاستأمروا
عتبة ، فأجاب إلى ذلك على
الأهواز كلها
ومهرجانقذق ، ما خلا
نهر تيرى ومناذر ، وما غلبوا عليه من
سوق الأهواز فإنه لا يرد عليهم ، وجعل
سلمى على
مناذر مسلحة وأمرها إلى
غالب ،
وحرملة على
نهر تيرى وأمرها إلى
كليب ، فكانا على مسالح
البصرة . وهاجرت طوائف من بني العم فنزلوا
البصرة .
ووفد
عتبة وفدا إلى
عمر ، منهم :
سلمى وجماعة من أهل
البصرة ، فأمرهم
عمر أن يرفعوا حوائجهم ، فكلمهم قال : أما العامة فأنت صاحبها ، وطلبوا لأنفسهم ، إلا ما كان من
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس ، فإنه قال : يا أمير المؤمنين إنك كما ذكروا ، ولقد يعزب عنك ما يحق علينا إنهاؤه إليك مما فيه صلاح العامة ، وإنما ينظر الوالي فيما غاب عنه بأعين أهل الخبر ويسمع بآذانهم ، فإن إخواننا من أهل
الكوفة نزلوا في مثل حدقة البعير الغاسقة من العيون العذاب والجنان الخصاب فتأتيهم ثمارهم ولم يحصدوا ، وإنا معشر أهل
البصرة نزلنا سبخة وزعقة نشاشة ، طرف لها في الفلاة وطرف لها في البحر
[ ص: 366 ] الأجاج ، يجري إليها ما جرى في مثل مريء النعامة ، دارنا فعمة ، ووظيفتنا ضيقة ، وعددنا كثير ، وأشرافنا قليل ، وأهل البلاء فينا كثير ، ودرهمنا كبير ، وقفيزنا صغير ، وقد وسع الله علينا وزادنا في أرضنا ، فوسع علينا يا أمير المؤمنين وزدنا وظيفة توظف علينا ونعيش بها . فلما سمع
عمر قوله أحسن إليهم وأقطعهم مما كان فيئا لأهل كسرى وزادهم ، ثم قال : هذا الفتى سيد أهل
البصرة . وكتب إلى
عتبة فيه بأن يسمع منه ويرجع إلى رأيه ، وردهم إلى بلدهم .
وبينا الناس على ذلك من ذمتهم مع
الهرمزان ، وقع بين
الهرمزان وغالب وكليب في حدود الأرضين اختلاف ، فحضر
سلمى وحرملة لينظرا فيما بينهم ، فوجدا
غالبا وكليبا محقين
والهرمزان مبطلا ، فحالا بينهما وبينه ، فكفر
الهرمزان ومنع ما قبله ، واستعان
بالأكراد وكف جنده ، وكتب
سلمى ومن معه إلى
عتبة بذلك ، فكتب
عتبة إلى
عمر ، فكتب إليه
عمر يأمره بقصده ، وأمد المسلمين
بحرقوص بن زهير السعدي ، كانت له صحبة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره على القتال وعلى ما غلب عليه . وسار
الهرمزان ومن معه ، وسار المسلمون إلى جسر سوق
الأهواز وأرسلوا إليه : إما أن تعبر إلينا أو نعبر إليكم . فقال : اعبروا إلينا ، فعبروا فوق الجسر فاقتتلوا مما يلي سوق
الأهواز ، فانهزم
الهرمزان وسار إلى
رامهرمز ، وفتح
حرقوص سوق
الأهواز ، ونزل بها واتسعت له بلادها إلى
تستر ، ووضع الجزية ، وكتب بالفتح إلى
عمر وأرسل إليه الأخماس .