ذكر
فتح السوس
قيل : ولما نزل
أبو سبرة على
السوس ، وبها
شهريار أخو
الهرمزان أحاط المسلمون بها وناوشوهم القتال مرات ، كل ذلك يصيب أهل
السوس في المسلمين ، فأشرف عليهم الرهبان والقسيسون فقالوا : يا معشر العرب إن مما عهد إلينا علماؤنا أنه لا يفتح
السوس إلا الدجال أو قوم فيهم الدجال ، فإن كان فيكم فستفتحونها .
وسار
أبو موسى إلى
البصرة من
السوس ، وصار مكانه على أهل
البصرة بالسوس المقترب بن ربيعة ، واجتمع الأعاجم
بنهاوند ،
والنعمان على أهل
الكوفة محاصرا أهل
[ ص: 371 ] السوس مع
أبي سبرة ،
وزر محاصرا أهل
جنديسابور . فجاء كتاب
عمر بصرف
النعمان إلى أهل
نهاوند من وجهه ذلك ، فناوشهم القتال قبل مسيره ، فصاح أهلها بالمسلمين وناوشوهم وغاظوهم ، وكان
صافي بن صياد مع المسلمين في خيل
النعمان ، فأتى
صافي باب
السوس فدقه برجله فقال : انفتح بظار ! وهو غضبان ، فتقطعت السلاسل وتكسرت الأغلاق وتفتحت الأبواب ، ودخل المسلمون ، وألقى المشركون بأيديهم ونادوا : الصلح الصلح . فأجابهم إلى ذلك المسلمون بعدما دخلوها عنوة ، واقتسموا ما أصابوا .
ثم افترقوا فسار
النعمان حتى أتى
نهاوند ، وسار
المقترب حتى نزل على
جنديسابور مع
زر .
وقيل
لأبي سبرة : هذا جسد
دانيال في هذه المدينة . قال : وما علي بذلك ! فأقره في أيديهم .
وكان
دانيال قد لزم نواحي
فارس بعد
بخت نصر . فلما حضرته الوفاة ولم ير أحدا على الإسلام أكرم كتاب الله عمن لم يجبه ، فقال لابنه : ائت ساحل البحر فاقذف بهذا الكتاب فيه ، فأخذه الغلام وغاب عنه وعاد وقال له : قد فعلت . قال : ما صنع البحر ؟ قال : ما صنع شيئا . فغضب وقال : والله ما فعلت الذي أمرتك به ! فخرج من عنده وفعل فعلته الأولى . فقال : كيف رأيت البحر صنع ؟ قال : ماج واصطفق . فغضب أشد من الأول وقال : والله ما فعلت الذي أمرتك به . فعاد إلى البحر وألقاه فيه ، فانفلق البحر عن الأرض وانفجرت له الأرض عن مثل التنور ، فهوى فيها ثم انطبقت عليه واختلط الماء ، فلما رجع إليه وأخبره بما رأى قال : الآن صدقت . ومات
دانيال بالسوس ، وكان هناك يستسقى بجسده ، فاستأذنوا
عمر فيه فأمر بدفنه .
وقيل في أمر
السوس : إن
يزدجرد سار بعد وقعة
جلولاء فنزل
إصطخر ومعه
سياه في سبعين من عظماء
الفرس ، فوجهه إلى
السوس والهرمزان إلى
تستر ، فنزل
سياه الكلتانية ، وبلغ أهل
السوس أمر
جلولاء ونزول
يزدجرد إصطخر ، فسألوا
أبا موسى [ ص: 372 ] الصلح ، وكان محاصرا لهم ، فصالحهم وسار إلى
رامهرمز ، ثم سار إلى
تستر ، ونزل
سياه بين
رامهرمز وتستر ، ودعا من معه من عظماء
الفرس وقال لهم : قد علمتم أنا كنا نتحدث أن هؤلاء القوم سيغلبون على هذه المملكة وتروث دوابهم في إيوانات
إصطخر ، ويشدون خيولهم في شجرها ، وقد غلبوا على ما رأيتم ، فانظروا لأنفسكم . قالوا : رأينا رأيك . قال : أرى أن تدخلوا في دينهم . ووجهوا
شيرويه في عشرة من الأساورة إلى
أبي موسى ، فشرط عليهم أن يقاتلوا معه العجم ولا يقاتلوا العرب ، وإن قاتلهم أحد من العرب منعهم منهم ، وينزلوا حيث شاءوا ، ويلحقوا بأشرف العطاء ، ويعقد لهم ذلك
عمر على أن يسلموا ، فأعطاهم
عمر ما سألوا ، فأسلموا وشهدوا مع المسلمين حصار
تستر . ومضى
سياه إلى حصن قد حاصره المسلمون في زي العجم ، فألقى نفسه إلى جانب الحصن ونضح ثيابه بالدم ، فرآه أهل الحصن صريعا فظنوه رجلا منهم ففتحوا باب الحصن ليدخلوه إليهم ، فوثب وقاتلهم حتى خلوا عن الحصن وهربوا ، فملكه وحده . وقيل : إن هذا الفعل كان منه بتستر .