[ ص: 455 ] 25
ثم دخلت سنة خمس وعشرين
ذكر
خلاف أهل الإسكندرية في هذه السنة خالف أهل
الإسكندرية ونقضوا صلحهم .
وكان سبب ذلك أن
الروم عظم عليهم فتح المسلمين
الإسكندرية ، وظنوا أنهم لا يمكنهم المقام ببلادهم بعد خروج
الإسكندرية عن ملكهم ، فكاتبوا من كان فيها من
الروم ودعوهم إلى نقض الصلح ، فأجابوهم إلى ذلك . فسار إليهم من
القسطنطينية جيش كثير ، وعليهم
منويل الخصي ، فأرسوا بها ، واتفق معهم من بها من
الروم ، ولم يوافقهم
المقوقس بل ثبت على صلحه . فلما بلغ الخبر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص سار إليهم ، وسار
الروم إليه ، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم
الروم وتبعهم المسلمون إلى أن أدخلوهم
الإسكندرية ، وقتلوا منهم في البلد مقتلة عظيمة ، منهم
منويل الخصي . وكان
الروم لما خرجوا من
الإسكندرية قد أخذوا أموال أهل تلك القرى من وافقهم ومن خالفهم . فلما ظفر بهم المسلمون جاء أهل القرى الذين خالفوهم فقالوا
nindex.php?page=showalam&ids=59لعمرو بن العاص : إن
الروم أخذوا دوابنا وأموالنا ، ولم نخالف نحن عليكم وكنا على الطاعة . فرد عليهم ما عرفوا من أموالهم بعد إقامة البينة . وهدم
عمرو سور
الإسكندرية وتركها بغير سور .
وفيها بلغ
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عن أهل الري عزم على نقض الهدنة والغدر ، فأرسل إليهم وأصلحهم وغزا
الديلم ثم انصرف .
[ ص: 456 ] ذكر عزل
سعد عن
الكوفة وولاية
nindex.php?page=showalam&ids=292الوليد بن عقبة في هذه السنة
عزل nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عن الكوفة في قول بعضهم ، واستعمل
nindex.php?page=showalam&ids=292الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، واسم
أبي معيط أبان بن أبي عمرو ، واسمه
ذكوان بن أمية بن عبد شمس ، وهو أخو
عثمان لأمه ، ( أمهما
أروى بنت كريز ، وأمها
nindex.php?page=showalam&ids=13925البيضاء بنت عبد المطلب ) .
وسبب ذلك أن
سعدا اقترض من
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من بيت المال قرضا ، فلما تقاضاه
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لم يتيسر له قضاؤه فارتفع بينهما الكلام ، فقال له
سعد : ما أراك إلا ستلقى شرا ، هل أنت إلا
ابن مسعود عبد من هذيل ؟ فقال : أجل والله إني
nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود وإنك
لابن حمينة . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=17225هاشم بن عتبة بن أبي وقاص حاضرا فقال : إنكما لصاحبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ينظر إليكما . فرفع
سعد يده ليدعو على
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وكان فيه حدة ، فقال : اللهم رب السماوات والأرض . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : ويلك قل خيرا ولا تلعن . فقال
سعد عند ذلك : أما والله لولا اتقاء الله لدعوت عليك دعوة لا تخطئك . فولى
عبد الله سريعا حتى خرج ، ثم استعان
عبد الله بأناس على استخراج المال ، واستعان
سعد بأناس على إنظاره ، فافترقوا وبعضهم يلوم بعضا ، يلوم هؤلاء
سعدا وهؤلاء
عبد الله ، فكان أول ما نزغ به بين
أهل الكوفة ، وأول مصر نزغ الشيطان بين أهله . وبلغ الخبر
عثمان فغضب عليهما فعزل
سعدا وأقر
عبد الله ، واستعمل
nindex.php?page=showalam&ids=292الوليد بن عقبة بن أبي معيط مكان
سعد ، وكان على
عرب الجزيرة عاملا
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان بعده ، فقدم
الكوفة واليا عليها ، ( وأقام عليها خمس سنين ، وهو من أحب الناس إلى أهلها ) . فلما قدم قال له
سعد : أكست بعدنا أم حمقنا بعدك ؟ فقال : لا تجزعن يا
أبا إسحاق ، كل ذلك لم يكن ، وإنما هو الملك يتغداه قوم ويتعشاه آخرون . فقال
سعد : أراكم جعلتموها ملكا ! وقال له
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس !
[ ص: 457 ] ذكر
صلح أهل أرمينية وأذربيجان لما استعمل
عثمان الوليد على
الكوفة عزل
عتبة بن فرقد عن
أذربيجان ، فنقضوا ، فغزاهم
الوليد سنة خمس وعشرين ، وعلى مقدمته
عبد الله بن شبيل الأحمسي ، فأغار على أهل
موقان والببر والطيلسان ففتح وغنم وسبى ، فطلب
أهل كور أذربيجان الصلح ، فصالحهم على صلح
حذيفة ، وهو ثمانمائة ألف درهم ، وقبض المال . ثم بث سراياه ، وبعث
سلمان بن ربيعة الباهلي إلى
أهل أرمينية في اثني عشر ألفا ، فسار في
أرمينية يقتل ويسبي ويغنم ، ثم انصرف وقد ملأ يديه حتى أتى
الوليد ، فعاد
الوليد ، وقد ظفر وغنم وجعل طريقه على الموصل ، ثم أتى الحديثة فنزلها ، فأتاه بها كتاب
عثمان فيه أن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان كتب إلي يخبرني أن
الروم قد أجلبت على المسلمين في جموع كثيرة ، وقد رأيت أن يمدهم إخوانهم من
أهل الكوفة ، فابعث إليهم رجلا له نجدة وبأس في ثمانية آلاف أو تسعة آلاف من المكان الذي يأتيك كتابي فيه والسلام .
فقام
الوليد في الناس وأعلمهم الحال ، وندبهم مع
سلمان بن ربيعة الباهلي ، فانتدب معه ثمانية آلاف ، فمضوا حتى دخلوا مع أهل
الشام إلى أرض
الروم ، فشنوا الغارات على أرض
الروم ، فأصاب الناس ما شاءوا ، وافتتحوا حصونا كثيرة .
وقيل : إن الذي أمد
حبيب بن مسلمة بسلمان بن ربيعة كان
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص ، وكان سبب ذلك أن
عثمان كتب إلى
معاوية يأمره أن
يغزي حبيب بن مسلمة في
أهل الشام أرمينية ، فوجهه إليها ، فأتى
قاليقلا فحصرها وضيق على من بها ، فطلبوا الأمان على الجلاء أو الجزية ، فجلا كثير منهم فلحقوا ببلاد
الروم ، وأقام
حبيب بها فيمن معه أشهرا .
وإنما سميت
قاليقلا لأن امرأة بطريق
أرميناقس كان اسمها
قالي بنت هذه المدينة فسمتها
قالي قله ، تعني
إحسان قالي ، فعربتها العرب فقالت :
قاليقلا .
ثم بلغه أن بطريق
أرميناقس - وهي البلاد التي هي الآن بيد أولاد
السلطان قلج [ ص: 458 ] رسلان - وهي
ملطية وسيواس وأقصرا وقونية ، وما والاها من البلاد إلى
خليج القسطنطينية ، واسمه
الموريان ، قد توجه نحوه في ثمانين ألفا من
الروم . فكتب
حبيب إلى
معاوية يخبره ، فكتب
معاوية إلى
عثمان ، فأرسل
عثمان إلى
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص يأمره بإمداد
حبيب ، فأمده
بسلمان في ستة آلاف ، وأجمع
حبيب على تبييت
الروم ، فسمعته امرأته
أم عبد الله بنت يزيد الكلبية فقالت أين موعدك ؟ فقال :
سرادق الموريان . ثم بيتهم فقتل من وقف له ، ثم أتى السرادق فوجد امرأته قد سبقته إليه ، فكانت أول امرأة من العرب ضرب عليها حجاب سرادق . ومات عنها
حبيب فخلف عليها
nindex.php?page=showalam&ids=190الضحاك بن قيس ، فهي أم ولده .
ولما انهزمت
الروم عاد
حبيب إلى
قاليقلا ، ثم سار منها فنزل مربالا ، فأتاه بطريق
خلاط بكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم بأمانه ، فأجراه عليه ، وحمل إليه البطريق ما عليه من المال ، ونزل
حبيب خلاط ، ثم سار منها فلقيه صاحب
مكس ، وهي من
البسفرجان ، فقاطعه على بلاده ، ثم سار منها إلى
أزدشاط ، وهي القرية التي يكون فيها القرمز الذي يصبغ به ، فنزل على
نهر دبيل ، وسرح الخيول إليها فحصرها ، فتحصن أهلها ، فنصب عليهم منجنيقا ، فطلبوا الأمان ، فأجابهم إليه وبث السرايا ، فبلغت خيله
ذات اللجم ; وإنما سميت
ذات اللجم لأن المسلمين أخذوا لجم خيولهم فكبسهم
الروم قبل أن يلجموها ، ثم ألجموها وقاتلوهم فظفروا بهم ، ووجه سرية إلى
سراج طير وبغروند ، فصالحه بطريقها على إتاوة . وقدم عليه بطريق
البسفرجان فصالحه على جميع بلاده .
وأتى
السيسجان فحاربه أهلها ، فهزمهم وغلب على حصونهم وسار إلى
[ ص: 459 ] جرزان ، فأتاه رسول بطريقها يطلب الصلح فصالحه . وسار إلى
تفليس فصالحه أهلها ، وهي من
جرزان ، وفتح عدة حصون ومدن تجاورها صلحا . وسار
سلمان بن ربيعة الباهلي إلى
أران ، ففتح
البيلقان صلحا على أن آمنهم على دمائهم وأموالهم وحيطان مدينتهم ، واشترط عليهم الجزية والخراج .
ثم أتى
سلمان مدينة برذعة فعسكر على
الثرثور ، نهر بينه وبينها نحو فرسخ ، فقاتله أهلها أياما ، وشن الغارات في قراها ، فصالحوه على مثل صلح
البيلقان ودخلها ، ووجه خيله ففتحت رساتيق الولاية ، ودعا
أكراد البلاشجان إلى الإسلام ، فقاتلوه فظفر بهم ، فأقر بعضهم على الجزية وأدى بعضهم الصدقة ، وهم قليل ، ووجه سرية إلى
شمكور ففتحوها ، وهي مدينة قديمة ، ولم تزل معمورة حتى أخربها
السناوردية ، وهم قوم تجمعوا لما انصرف
يزيد بن أسيد عن
أرمينية فعظم أمرهم ، فعمرها
بغا سنة أربعين ومائتين ، وسماها
المتوكلية نسبة إلى
المتوكل .
وسار
سلمان إلى
مجمع أرس والكر ففتح قبلة ، وصالحه صاحب
سكر وغيرها على الإتاوة ، وصالحه ملك
شروان وسائر ملوك الجبال وأهل
مسقط والشابران ومدينة الباب ثم امتنعت بعده .
ذكر
غزوة معاوية الروم وفيها غزا
معاوية الروم فبلغ
عمورية ، فوجد الحصون التي بين
أنطاكية وطرسوس خالية ، فجعل عندها جماعة كثيرة من
أهل الشام والجزيرة حتى انصرف من غزاته ، ثم
[ ص: 460 ] أغزى بعد ذلك
يزيد بن الحر العبسي الصائفة وأمره ففعل مثل ذلك ، ولما خرج هدم الحصون إلى
أنطاكية .
ذكر
غزوة إفريقية
في هذه السنة سير
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى أطراف
إفريقية غازيا بأمر
عثمان ، وكان
عبد الله من جند
مصر ، فلما سار إليها أمده
عمرو بالجنود فغنم هو وجنده ، فلما عاد
عبد الله كتب إلى
عثمان يستأذنه في غزو
إفريقية ، فأذن له في ذلك .
ذكر عدة حوادث
وفيها
أرسل عثمان nindex.php?page=showalam&ids=16447عبد الله بن عامر إلى كابل ، وهي عمالة
سجستان ، فبلغها في قول ، فكانت أعظم من
خراسان ، حتى مات
معاوية وامتنع أهلها .
وفيها ولد
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية . وفيها كانت [ غزوة ]
سابور الأولى ، وقيل : سنة ست وعشرين ، وقد تقدم ذلك .
وحج بالناس
عثمان .