ذكر
الخبر عن ذلك وعن يوم الجرعة
قد ذكرنا خبر
المسيرين من
الكوفة ومقامهم عند
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، ووفد
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص إلى
عثمان سنة إحدى عشرة من خلافة
عثمان ، وكان
سعيد قد ولى قبل مخرجه إلى
عثمان بسنة وبعض أخرى
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس أذربيجان ،
وسعيد بن قيس الري ،
والنسير العجلي همذان ،
والسائب بن الأقرع أصبهان ،
ومالك بن حبيب ماه ،
وحكيم بن سلام الحزامي الموصل ،
nindex.php?page=showalam&ids=97وجرير بن عبد الله قرقيسيا ،
وسلمان بن ربيعة الباب ، وجعل
القعقاع بن عمرو على الحرب ، وعلى
حلوان عتيبة بن النهاس ، وخلت
الكوفة من الرؤساء . فخرج
يزيد بن قيس وهو يريد خلع
عثمان ، ومعه الذين كان
ابن السوداء يكاتبهم ، فأخذه
القعقاع بن عمرو فقال : إنما نستعفي من
سعيد . فقال : أما هذا فنعم ، فتركه وكاتب
يزيد المسيرين في القدوم عليه ، فسار
الأشتر والذين عند
عبد الرحمن بن خالد ، فسبقهم
الأشتر ، فلم يفجأ الناس يوم الجمعة إلا
والأشتر على باب المسجد يقول : جئتكم من عند أمير المؤمنين
عثمان وتركت
سعيدا يريده على نقصان نسائكم على مائة درهم ، ورد أولي البلاء منكم إلى ألفين ، ويزعم أن فيئكم بستان
قريش . فاستخف الناس وجعل أهل الرأي ينهونهم فلا يسمع منهم .
[ ص: 520 ] فخرج
يزيد وأمر مناديا ينادي : من شاء أن يلحق
بيزيد لرد
سعيد فليفعل ، فبقي أشراف الناس وحلماؤهم في المسجد .
nindex.php?page=showalam&ids=146وعمرو بن حريث يومئذ خليفة
سعيد ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأمرهم بالاجتماع والطاعة ، فقال له
القعقاع : أترد السيل عن أدراجه ؟ هيهات لا والله لا يسكن الغوغاء إلا المشرفية ، ويوشك أن تنتضى ويعجون عجيج العدان ، ويتمنون ما هم فيه اليوم فلا يرده الله عليهم أبدا ، فاصبر . قال : أصبر . وتحول إلى منزله ، وخرج
يزيد بن قيس فنزل
الجرعة ، وهي قريب من
القادسية ، ومعه
الأشتر ، فوصل إليهم
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص ، فقالوا : لا حاجة لنا بك . قال : إنما كان يكفيكم أن تبعثوا إلى أمير المؤمنين رجلا وإلي رجلا ، وهل يخرج الألف لهم عقول إلى رجل واحد ؟ ثم انصرف عنهم ، وتحسوا بمولى له على بعير قد حسر فقال : والله ما كان ينبغي
لسعيد أن يرجع . فقتله
الأشتر . ومضى
سعيد حتى قدم على
عثمان ، فأخبره بما فعلوا وأنهم يريدون البدل وأنهم يختارون
أبا موسى ، فجعل
nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري أميرا ، وكتب إليهم :
أما بعد فقد أمرت عليكم من اخترتم وأعفيتكم من
سعيد ، والله لأقرضنكم عرضي ولأبذلن لكم صبري ولأستصلحنكم بجهدي ، فلا تدعوا شيئا أحببتموه لا يعصى الله فيه إلا سألتموه ، ولا شيئا كرهتموه لا يعصى الله فيه إلا ما استعفيتم منه ، أنزل فيه عندما أحببتم حتى لا يكون لكم على الله حجة ، ولنصبرن كما أمرنا حتى تبلغوا ما تريدون . ورجع من الأمراء من قرب من
الكوفة ، فرجع
جرير من
قرقيسيا ،
وعتيبة بن النهاس من
حلوان ، وخطبهم
أبو موسى وأمرهم بلزوم الجماعة ، ( وطاعة
عثمان ) ، فأجابوا إلى ذلك وقالوا : صل بنا فقال : لا إلا على السمع والطاعة
لعثمان . قالوا : نعم . فصلى بهم وأتاه ولايته فوليهم .
وقيل : سبب يوم الجرعة أنه كان قد اجتمع ناس من المسلمين ، فتذاكروا أعمال
عثمان فأجمع رأيهم ، فأرسلوا إليه
عامر بن عبد الله التميمي ثم العنبري ، وهو الذي
[ ص: 521 ] يدعى
عامر بن عبد القيس ، فأتاه فدخل عليه فقال له : إن ناسا من المسلمين اجتمعوا ونظروا في أعمالك ، فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما ، فاتق الله وتب إليه . فقال
عثمان : انظروا إلى هذا فإن الناس يزعمون أنه قارئ ، ثم هو يجيء يكلمني في المحقرات ، ووالله ما يدري أين الله ! فقال
عامر : بلى والله إني لأدري أن الله لبالمرصاد !
فأرسل
عثمان إلى
معاوية nindex.php?page=showalam&ids=16436وعبد الله بن سعد وإلى
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر فجمعهم فشاورهم وقال لهم : إن لكل امرئ وزراء ونصحاء ، وإنكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي ، وقد صنع الناس ما قد رأيتم وطلبوا إلي أن أعزل عمالي ، وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبون ، فاجتهدوا رأيكم . فقال له
ابن عامر : أرى لك يا أمير المؤمنين أن تشغلهم بالجهاد عنك حتى يذلوا لك ولا يكون همة أحدهم إلا في نفسه وما هو فيه من دبر دابته وقمل فروته . وقال
سعيد : احسم عنك الداء فاقطع عنك الذي تخاف ، إن لكل قوم قاعدة متى تهلك يتفرقوا ولا يجتمع لهم أمر . فقال
عثمان : إن هذا هو الرأي لولا ما فيه . وقال
معاوية : أشير عليك أن تأمر أمراء الأجناد فيكفيك كل رجل منهم ما قبله وأكفيك أنا
أهل الشام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد : إن الناس أهل طمع ، فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم . ثم قام
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين إنك قد ركبت الناس بمثل
بني أمية ، فقلت وقالوا وزغت وزاغوا ، فاعتدل أو اعتزل ، فإن أبيت فاعتزم عزما واقدم قدما . فقال له
عثمان : ما لك قمل فروك ؟ أهذا الجد منك ؟ فسكت
عمرو حتى تفرقوا فقال : والله يا أمير المؤمنين لأنت أكرم علي من ذلك ، ولكني علمت أن بالباب من يبلغ الناس قول كل رجل منا ، فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي ، فأقود إليك خيرا وأدفع عنك شرا .
فرد
عثمان عماله إلى أعمالهم ، وأمرهم بتجهيز الناس في البعوث ، وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ، ورد
سعيدا إلى
الكوفة ، فلقيه الناس من
الجرعة وردوه ، كما سبق ذكره . قال
أبو ثور الحداني : جلست إلى
حذيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=91وأبي مسعود الأنصاري بمسجد الكوفة يوم الجرعة ، فقال
أبو مسعود : ما أرى أن ترد على عقبيها حتى يكون فيها دماء . فقال
حذيفة : والله لتردن على عقبيها ولا يكون فيها محجمة دم ، وما أرى اليوم شيئا إلا وقد علمته والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي . فرجع
سعيد إلى
عثمان ولم يسفك دم ، وجاء
أبو موسى [ ص: 522 ] أميرا ، وأمر
عثمان nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان أن يغزو الباب فسار نحوه .