ذكر
مقتل ذي الثدية
قد روى جماعة أن
عليا كان يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج ، أن قوما يخرجون يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم رجل مخدج اليد ، سمعوا ذلك منه مرارا ، فلما خرج
أهل النهروان ، سار بهم إليهم
علي ، وكان منه معهم ما كان ، فلما فرغ أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج فالتمسوه ، فقال بعضهم : ما نجده ، حتى قال بعضهم : ما هو فيهم ، وهو يقول : والله إنه لفيهم ، والله ما كذبت ولا كذبت ! ثم إنه جاءه رجل فبشره ( فقال : يا أمير المؤمنين ) قد وجدناه . وقيل : بل خرج
علي في طلبه قبل أن يبشره الرجل ، ومعه
سليم بن ثمامة الحنفي ،
والريان بن صبرة ، فوجده في حفرة على شاطئ النهر ، في خمسين قتيلا ، فلما استخرجه نظر إلى عضده ، فإذا لحم مجتمع
[ ص: 697 ] كثدي المرأة ، وحلمة عليها شعرات سود ، فإذا مدت امتدت حتى تحاذي يده الطولى ، ثم تترك فتعود إلى منكبيه . فلما رآه قال : الله أكبر ما كذبت ولا كذبت ، لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قص الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - لمن قاتلهم مستبصرا في قتالهم ، عارفا للحق الذي نحن عليه .
وقال حين مر بهم وهم صرعى : بؤسا لكم ! لقد ضركم من غركم ! قالوا : يا أمير المؤمنين من غرهم ؟ قال : الشيطان وأنفس أمارة بالسوء ، غرتهم بالأماني ، وزينت لهم المعاصي ، ونبأتهم أنهم ظاهرون .
قيل : وأخذ ما في عسكرهم من شيء ، فأما السلاح والدواب وما شهر عليه فقسمه بين المسلمين ، وأما المتاع والإماء والعبيد ، فإنه رده على أهله حين قدم .
وطاف
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم في القتلى على ابنه
طرفة فدفنه ، ودفن رجال من المسلمين قتلاهم . ( فقال
علي حين بلغه : أتقتلونهم ثم تدفنونهم ؟ ارتحلوا ! فارتحل الناس ) .
فلم يقتل من أصحاب
علي إلا سبعة . وقيل : كانت الوقعة سنة ثمان وثلاثين . وكان فيمن قتل من أصحابه :
يزيد بن نويرة الأنصاري ، وله صحبة وسابقة ، وشهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة ، وكان أول من قتل .