[ ص: 172 ] ذكر
وفاة موسى ، عليه السلام
قيل : بينما
موسى - عليه السلام - يمشي ومعه
يوشع بن نون فتاه إذ أقبلت ريح سوداء ، فلما نظر إليها
يوشع ظن أنها الساعة ، فالتزم
موسى ، وقال : لا تقوم الساعة وأنا ملتزم نبي الله ، فاستل
موسى من تحت القميص وبقي القميص في يدي
يوشع . فلما جاء
يوشع بالقميص أخذه
بنو إسرائيل ، وقالوا : قتلت نبي الله ! فقال : ما قتلته ولكنه استل مني . فلم يصدقوه . قال : فإذا لم تصدقوني فأخروني ثلاثة أيام ، فوكلوا به من يحفظه ، فدعا الله ، فأتى كل رجل كان يحرسه في المنام فأخبر أن
يوشع لم يقتل
موسى ، وأنا قد رفعناه إلينا ، فتركوه .
وقيل : إن
موسى كره الموت فأراد الله أن يحبب إليه الموت ، فأوحى الله إلى
يوشع بن نون ، وكان يغدو عليه ويروح ، ويقول له
موسى : يا نبي الله ، ما أحدث الله إليك ؟ فقال له
يوشع بن نون : يا نبي الله ألم أصحبك كذا وكذا سنة ، فهل كنت أسألك عن شيء مما أحدث الله لك ؟ ولا يذكر له شيئا . فلما رأى
موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت .
وقيل : إنه مر منفردا برهط من الملائكة يحفرون قبرا ، فعرفهم فوقف عليهم ، فلم ير أحسن منه ، ولم ير مثل ما فيه من الخضرة والبهجة . فقال لهم : يا ملائكة الله ، لمن تحفرون هذا القبر ؟ فقالوا : نحفره لعبد كريم على ربه . فقال : إن هذا العبد له منزل كريم ما رأيت مضجعا ، ولا مدخلا مثله . فقال : أتحب أن يكون لك ؟ قال : وددت . قالوا : فانزل واضطجع فيه وتوجه إلى ربك وتنفس أسهل تنفس تتنفسه . فنزل فيه وتوجه إلى ربه ، ثم تنفس ، فقبض الله روحه ، ثم سوت الملائكة عليه التراب .
[ ص: 173 ] وكان - صلى الله عليه وسلم - زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند الله إنما كان يستظل في عريش ويأكل ويشرب من نقير من حجر تواضعا إلى الله تعالى .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025802إن الله أرسل ملك الموت ليقبض روحه فلطمه ففقأ عينه ، فعاد ، وقال : يا رب ، أرسلتني إلى عبد لا يحب الموت . قال الله : ارجع له وقل له يضع يده على ظهر ثور وله بكل شعرة تحت يده سنة ، وخيره بين ذلك وبين أن يموت الآن . فأتاه ملك الموت وخيره ، فقال له : فما بعد ذلك ؟ قال : الموت . قال : فالآن إذن . فقبض روحه . وهذا القول صحيح قد صح النقل به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان موته في
التيه أيضا .
وقيل : بل هو الذي فتح مدينة
الجبارين على ما نذكره .
وكان جميع عمر
موسى مائة وعشرين سنة ، من ذلك في ملك
أفريدون عشرون ، وفي ملك
منوجهر مائة سنة ، وكان ابتداء أمره منذ بعثه الله إلى أن قبضه في ملك
منوجهر .
ثم نبئ بعده
يوشع بن نون فكان في زمن
منوجهر عشرين سنة ، وفي زمن أفراسياب سبع سنين .