ذكر
قتل عروة ابن أدية وغيره من الخوارج
في هذه السنة اشتد
nindex.php?page=showalam&ids=16521عبيد الله بن زياد على
الخوارج فقتل منهم جماعة كثيرة ، منهم :
عروة ابن أدية أخو
أبي بلال مرداس ابن أدية ،
وأدية أمهما ، وأبوهما
حدير ، وهو تميمي .
وكان سبب قتله أن
ابن زياد كان قد خرج في رهان له ، فلما جلس ينتظر الخيل اجتمع إليه الناس وفيهم
عروة ، فأقبل على
ابن زياد يعظه ، وكان مما قال له :
أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين . فلما قال ذلك ظن
ابن زياد أنه لم يقل ذلك إلا ومعه جماعة ، فقام وركب وترك رهانه :
فقيل
لعروة : ليقتلنك ! فاختفي ، فطلبه
ابن زياد فهرب وأتى
الكوفة ، فأخذ وقدم به على
ابن زياد ، فقطع يديه ورجليه وقتله ، وقتل ابنته .
وأما أخوه
أبو بلال مرداس فكان عابدا مجتهدا عظيم القدر في
الخوارج ، وشهد
صفين مع
علي فأنكر التحكيم ، وشهد النهروان مع
الخوارج ، وكانت
الخوارج كلها تتولاه ، ورأى على
ابن عامر قباء أنكره فقال : هذا لباس الفساق ! فقال
أبو بكرة : لا تقل
[ ص: 111 ] هذا للسلطان فإن من أبغض السلطان أبغضه الله ، وكان لا يدين بالاستعراض ، ويحرم خروج النساء ، ويقول لا نقاتل إلا من قاتلنا ولا نجبي إلا من حمينا .
وكانت
البثجاء ، امرأة من
بني يربوع ، تحرض على
ابن زياد وتذكر تجبره وسوء سيرته ، وكانت من المجتهدات ، فذكرها
ابن زياد ، فقال لها
أبو بلال : إن التقية لا بأس بها فتغيبي فإن هذا الجبار قد ذكرك . قالت : أخشى أن يلقى أحد بسببي مكروها .
فأخذها
ابن زياد فقطع يديها ورجليها ، فمر بها
أبو بلال في السوق فعض على لحيته وقال : أهذه أطيب نفسا بالموت منك يا
مرداس ؟ ما ميتة أموتها أحب إلي من ميتة
البثجاء ! ومر
أبو بلال ببعير قد طلي بقطران فغشي عليه ثم أفاق فتلا :
سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار .
ثم إن
ابن زياد ألح في طلب
الخوارج فملأ منهم السجن وأخذ الناس بسببهم وحبس
أبا بلال قبل أن يقتل أخاه
عروة ، فرأى السجان عبادته فأذن له كل ليلة في إتيان أهله ، فكان يأتيهم ليلا ويعود مع الصبح ، وكان صديق
لمرداس يسامر ابن زياد ، فذكر
ابن زياد الخوارج ليلة فعزم على قتلهم ، فانطلق صديق
مرداس إليه فأعلمه الخبر ، وبات السجان بليلة سوء خوفا أن يعلم
مرداس فلا يرجع ، فلما كان الوقت الذي كان يعود فيه إذا به قد أتى ، فقال له السجان : أما بلغك ما عزم عليه الأمير ؟ قال : بلى قال : ثم جئت ؟ قال : نعم لم يكن جزاؤك مني مع إحسانك إلي أن تعاقب .
وأصبح
عبيد الله فقتل
الخوارج ، فلما أحضر
مرداس قام السجان ، وكان ظئرا
لعبيد الله ، فشفع فيه وقص عليه قصته ، فوهبه له وخلى سبيله .
ثم إنه خاف
ابن زياد فخرج في أربعين رجلا إلى
الأهواز ، فكان إذا اجتاز به مال أخذ منه عطاءه وعطاء أصحابه ثم يرد الباقي ، فلما سمع
ابن زياد خبرهم بعث إليهم جيشا عليهم
أسلم بن زرعة الكلابي سنة ستين ، وقيل :
أبو حصين التميمي ، وكان الجيش ألفي رجل ، فلما وصلوا إلى
أبي بلال ناشدهم الله أن يقاتلوه فلم يفعلوا ، ودعاهم أسلم إلى معاودة الجماعة ، فقالو : أتردوننا إلى
ابن زياد الفاسق ؟ فرمى أصحاب أسلم رجلا من أصحاب
أبي بلال فقتلوه ، فقال
أبو بلال : قد بدءوكم بالقتال .
فشد
الخوارج على
أسلم وأصحابه شدة رجل واحد فهزموهم فقدموا
البصرة ، فلام
ابن [ ص: 112 ] زياد أسلم وقال : هزمك أربعون وأنت في ألفين ، لا خير فيك ! فقال : لأن تلومني وأنا حي خير من أن تثني علي وأنا ميت . فكان الصبيان إذا رأوا أسلم صاحوا به : أما
أبو بلال وراءك ! فشكا ذلك إلى
ابن زياد ، فنهاهم فانتهوا .
( وقال رجل من
الخوارج :
أألفا مؤمن منكم زعمتم ويقتلهم بآسك أربعونا كذبتم ليس ذاك كما زعمتم
ولكن الخوارج مؤمنونا
[
هي الفئة القليلة قد علمتم على الفئة الكثيرة ينصرونا
]