ذكر
مكر المختار بابن الزبير فلما أخرج
المختار عامل
ابن الزبير عن
الكوفة ، وهو
ابن مطيع ، سار إلى
البصرة ،
[ ص: 316 ] وكره أن يأتي
ابن الزبير مهزوما ، فلما استجمع
للمختار أمر
الكوفة أخذ يخادع
ابن الزبير ، فكتب إليه : قد عرفت مناصحتي إياك ، وجهدي على أهل عداوتك ، وما كنت أعطيتني إذا أنا فعلت ذلك [ من نفسك ] ، فلما وفيت لك لم تف بما عاهدتني عليه ، فإن ترد مراجعتي ومناصحتي فعلت ، والسلام .
وكان قصد
المختار أن يكف
ابن الزبير عنه ليتم أمره ،
والشيعة لا يعلمون بشيء من أمره ، فأراد
ابن الزبير أن يعلم أسلم هو أم حرب ، فدعا
عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي فولاه
الكوفة وقال له : إن
المختار سامع مطيع . فتجهز بما بين ثلاثين ألف درهم إلى أربعين ألفا وسار نحو
الكوفة . وأتى الخبر إلى
المختار بذلك ، فدعا
المختار nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة بن قدامة ، وأعطاه سبعين ألف درهم وقال له : هذا ضعف ما أنفق
عمر بن عبد الرحمن في طريقه إلينا . وأمره أن يأخذ معه خمسمائة فارس ويسير حتى يلقاه بالطريق ، ويعطيه النفقة ويأمره بالعود ، فإن فعل وإلا فليره الخيل .
فأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة بن قدامة المال وسار حتى لقي
عمر ، فأعطاه المال وأمره بالانصراف ، فقال له : إن أمير المؤمنين قد ولاني
الكوفة ، ولا بد من إتيانها . فدعا زائدة الخيل ، وكان قد كمنها ، فلما رآها قد أقبلت أخذ المال وسار نحو
البصرة ، فاجتمع هو
وابن مطيع في إمارة
nindex.php?page=showalam&ids=14966الحارث بن أبي ربيعة ، وذلك قبل وثوب
المثنى بن مخربة العبدي بالبصرة .
وقيل : إن
المختار كتب إلى
ابن الزبير : إني اتخذت
الكوفة دارا ، فإن سوغتني ذلك وأمرت لي بألف ألف درهم سرت إلى
الشام ، فكفيتك
ابن مروان . فقال
ابن الزبير : إلى متى أماكر كذاب
ثقيف ويماكرني ؟ ثم تمثل ، شعر : عاري الجواعر من
ثمود أصله عبد ويزعم أنه من يقدم
وكتب إليه : والله ولا درهم : ولا أمتري [ عبد ] الهوان ببدرتي وإني لآتي الحتف ما دمت أسمع
[ ص: 317 ] ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان بعث
عبد الملك بن الحارث بن أبي الحكم بن أبي العاص إلى
وادي القرى ، وكان
المختار قد وادع
الزبير ليكف عنه ليتفرغ لأهل
الشام . فكتب
المختار إلى
ابن الزبير : قد بلغني أن
ابن مروان قد بعث إليك جيشا ، فإن أحببت أمددتك بمدد .
فكتب إليه
ابن الزبير : إن كنت على طاعتي فبايع لي الناس قبلك ، وعجل إنقاذ الجيش ، ومرهم ليسيروا إلى من
بوادي القرى من جند
ابن مروان فليقاتلوهم ، والسلام .
فدعا
المختار شرحبيل بن ورس الهمداني ، فسيره في ثلاثة آلاف أكثرهم من الموالي ، وليس فيهم من العرب إلا سبعمائة رجل ، وقال : سر حتى تدخل
المدينة ، فإذا دخلتها فاكتب إلي بذلك حتى يأتيك أمري . وهو يريد إذا دخلوا
المدينة أن يبعث عليهم أميرا ، ثم يأمر
ابن ورس بمحاصرة
ابن الزبير بمكة . وخشي
ابن الزبير أن يكون
المختار إنما يكيده ، فبعث من
مكة nindex.php?page=showalam&ids=16295عباس بن سهل بن سعد في ألفين ، وأمره أن يستنفر الأعراب ، وقال له : إن رأيت القوم على طاعتي ، وإلا فكايدهم حتى تهلكهم .
فأقبل
nindex.php?page=showalam&ids=16295عباس بن سهل حتى لقي
ابن ورس بالرقيم وقد عبأ
ابن ورس أصحابه ، وأتى
عباس وقد تقطع أصحابه ، ورأى
ابن ورس على الماء وقد عبأ أصحابه ، فدنا منهم وسلم عليهم ، ثم قال
لابن ورس سرا : ألستم على طاعة
ابن الزبير ؟ قال : بلى . قال : فسر بنا على عدوه الذي
بوادي القرى .
فقال
ابن ورس : ما أمرت بطاعتكم ، إنما أمرت أن آتي
المدينة ، فإذا أتيتها رأيت رأيي . فقال له
عباس : إن كنتم في طاعة
ابن الزبير فقد أمرني أن أسيركم إلى
وادي القرى . ( فقال : لا أتبعك ، أقدم
المدينة وأكتب إلى صاحبي ، فيأمرني بأمره . فقال
عباس : رأيك أفضل . وفطن لما يريد وقال : أما أنا فسائر إلى
وادي القرى ) .
ونزل
عباس وبعث إلى
ابن ورس بجزائر وغنم مسلخة ، وكانوا قد ماتوا جوعا ، فذبحوا واشتغلوا بها واختلطوا على الماء ، وجمع
عباس من أصحابه نحو ألف رجل من الشجعان وأقبل نحو فسطاط
ابن ورس ، فلما رآهم نادى في أصحابه ، فلم يجتمع إليه مائة رجل حتى انتهى إليه
عباس ، واقتتلوا يسيرا ، فقتل
ابن ورس في سبعين من أهل الحفاظ ، ورفع
عباس راية أمان لأصحاب
ابن ورس ، فأتوها إلا نحو من ثلاثمائة رجل مع
سليمان بن حمير الهمداني وعباس بن جعدة الجدلي ، فظفر
ابن سهل منهم بنحو من مائتين فقتلهم ، وأفلت الباقون فرجعوا ، فمات أكثرهم في الطريق .
[ ص: 318 ] وكتب
المختار بخبرهم إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية يقول : إني أرسلت إليك جيشا ليذلوا لك الأعداء ، ويحرزوا البلاد ، فلما قاربوا
طيبة فعل بهم كذا وكذا ، فإن رأيت أن أبعث إلى
المدينة جيشا كثيفا ، وتبعث إليهم من قبلك رجلا حتى يعلموا أني في طاعتك فافعل ، فإنك ستجدهم بحقكم أعرف ، وبكم أهل البيت أرأف منهم
بآل الزبير ، والسلام .
فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية : أما بعد ، فقد قرأت كتابك ، وعرفت تعظيمك لحقي وما تنويه من سروري ، وإن أحب الأمور كلها إلي ما أطيع الله فيه ، فأطع الله ما استطعت ، وإني لو أردت القتال لوجدت الناس إلي سراعا ، والأعوان لي كثيرا ، ولكن أعتزلكم وأصبر حتى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين . وأمره بالكف عن الدماء .